سادة القضاة، والحكام والمحققين، جاءتني الأخبار بين تهديد مبطن وإعلام بريء، يسأل أصحابها إن كنتُ توصلت من القضاء بدعوة أو إستدعاء، بناء على ما كنت قلته على قناة «التونسيّة». يكون من حقّ القضاء جملة وما به نيابة عمومية أو وكالة الجمهوريّة دعوتني، ذلك حق لا ينكره أحد وواجب الاستجابة لا يحتمل النقاش. لكن أرقى من القضاء ذاته ومن قضاته، وأعلى من الحكام ذاتهم وما هي سلطته، ما هي عدالة بين الناس. عدالة ينتفي القضاء بدونها، ويصير القضاء غير قضاة بالحقّ لا قدّر الله. من ذلك يتساوى الناس أمام العدالة، ليكون الجزاء بمقدار الجرم، فلا يجوز أن ترفع العقوبة لمن أجرم جرمًا بسيطا، كما لا يجوز أن تحطّ من عقوبة من كان جرمه ثقيلا. سبق للزميل عالي المقام نوفل الورتاني أن «ابتكر» على قناة «التونسيّة» إرهابيا وجعله يمدح الإرهاب ويمجد فعله (أي فعل الإرهاب) على مدى زمن يقارب الساعة أو ينقصها قليلا، لذلك لي عظيم اليقين أن فعلي على قناة «التونسيّة» ذاتها، يأتي على مستوى التوصيف والمدّة التي استغرقها وخصوصا الإعداد الذي كان، أقلّ بكثير من فعل عالي المقام نوفل الورتاني. سادة القضاة، والحكام والمحققين، لم تجد قضية «الإرهاب المصطنع» أي متابعة في الإعلام كما كان حالي، ولم تخصص «أرقى» الإذاعات و«أفضل» المواقع، من أفردتني به من زمن ومن تهم، ليكون السؤال (في صلب العدالة): هل للعدالة وجوهًا عديدة (زمن الثورة) بحكم الاقتراب من هذه الجهة أو الابتعاد عنها. نرجو ونأمل ونريد ونحلم بعدالة واحدة، ذات وجه واحد، ولون واحد وفعل واحد، لا يدخلها الباطل من خلفها أو من أمامها. لذلك أرجو من جناب عدالتكم أن تلقى قصيتي من لدنكم ما لقيت قضية الزميل عالي المقام نوفل الورتاني، وغيرهم ممّن حرضوا على القتل ودعوا للقصاص خارج القانون، ليقيني الذي لا تشوبه شائبة أنّ «جريمة» أقلّ من هذه الجرائم جميعها. سادة القضاة، والحكام والمحققين، أعلن أمامكم قبول حكمكم ليقيني أنّ الجميع سواسية أمامكم حين فرق بينهم الإعلام وجعلهم منازل وأنزلهم مراتب. سادة القضاة، والحكام والمحققين، أنتم حماة الحضارة، وبدونكم أو بدون عدالتكم نكون عدنا لعهد بن علي، حين تكون الثورة واجبة والخروج على السلطان أصل الفعل.