نظم المرصد التونسي لاستقلال القضاء بمساعدة منظمة هانس سايدل المغرب العربي ندوة علمية بأحد النزل بالعاصمة حول "المجلس الأعلى للقضاء" بمشاركة القضاة بمختلف أصنافهم (العدلي، الإداري، العسكري، المالي) ومساعدي القضاء وعدد من نواب مجلس الشعب وممثلي الهياكل المهنية ومكونات من المنظومة القضائية والمجتمع المدني. ويأتي انعقاد هذه الندوة في سياق النقاش الدائر حول المجلس الأعلى للقضاء باعتباره من أهم المؤسسات التي اقتضى إنشاءها الدستور الجديد واعتبارا لما تستوجبه أحكامه من إرساء هذا المجلس في أواخر أفريل القادم، وإضافة لذلك يترافق توقيت الندوة مع الجدل المحتدّ بشأن مشروع القانون الأساسي المنظم للمجلس الأعلى للقضاء الذي بادرت وزارة العدل بصياغته عن طريق لجنة فنية مكوّنة من ممثلين عن القضاء العدلي والقضاء الإداري والقضاء المالي. وقد تضمّن برنامج الندوة التداول على حصّتين في مختلف الهياكل القضائية المكونة للمجلس الأعلى للقضاء وهي مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء الإداري ومجلس القضاء المالي إضافة للجلسة العامة للمجالس القضائية ومجلس القضاء العسكري والاستقلال المالي والإداري للمجلس الأعلى للقضاء. وقد برز من مختلف المساهمات تأكيد المشاركين على أهمية إرساء المجلس الأعلى للقضاء تفعيلا لما يقتضيه الدستور مع التنبيه الى الإشكاليات التي تطرحها الأحكام الدستورية في هذا الشأن ومنها خصوصا الأجل المحدد بالأحكام الانتقالية لإرساء المجلس فضلا عمّا تثيره وضعية المحاكم العسكرية والضمانات المستوجبة للقضاة العسكريين من جدل عمومي. وبعد نقاش مختلف المحاور الأساسية والتعقيب على المداخلات واستيفاء الردود أوصى المشاركون بما يلي: 1. ضرورة تعميق النظر في مختلف التصورات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء وتوسيع التشاور بخصوصها مع احترام المقتضيات الدستورية ومرجعية المعايير الدولية. 2. التأكيد على أنّ المجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة دستورية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري والتسيير الذاتي بما يقطع مع الهياكل السابقة له ويؤسس لتمثيلية السلطة القضائية ويضمن استقلالها. 3. التأكيد على أنّ لكلّ هيكل من هياكل المجلس الأعلى للقضاء الأربعة (العدلي، الإداري، المالي، الجلسة العامة) تركيبته المستقلة وأنّ الجلسة العامة لا تتشكل من أعضاء المجالس القضائية الثلاثة وذلك خلافا لما يتبين من مشروع القانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء المعلن من وزارة العدل. 4. القطع مع النظام التراتبي في تمثيلية القضاة بمختلف المجالس القضائية واعتماد الانتخاب المباشر لأعضائها في حدود كلّ هيكل من قبل عموم القضاة والتخلّي عن انتخاب ممثليهم بالمجلس الأعلى للقضاء كلّ حسب الرتبة أو الخطة التي ينتمي إليها. 5. التأكيد على صلاحية المجلس الأعلى للقضاء في الإشراف على إدارة المحاكم والمؤسسات القضائية باعتبارها تدخل في اختصاصه العام المتعلق بحسن سير القضاء. 6. الاعتراف للمحاكم بصفة المؤسسة العمومية القضائية وأن تستقل بميزانيات ملحقة ترتيبيا بميزانية الدولة في الباب الخاص بميزانية المجلس الأعلى للقضاء. 7. التأكيد على استقلالية النيابة العمومية وتمتيع أعضائها بصفة فعلية بالضمانات المكفولة للقضاة الجالسين طبق أحكام الفصل 115 من الدستور وعدم تقييد تلك الضمانات أو إضعافها في النصوص التطبيقية. 8. التأكيد على الولاية الشاملة للمجلس الأعلى للقضاء على جميع مكونات السلطة القضائية وسحب الضمانات المتعلّقة بها على جميع القضاة ومن ضمنهم قضاة المحاكم العسكرية المنصوص عليهم بباب السلطة القضائية بالدستور، والنظر إضافة لذلك في إمكانية إحالة المحاكم العسكرية باعتبارها من صنف المحاكم المتخصصة في الجرائم العسكرية الى القضاء العدلي على غرار بعض المحاكم أو المجالس المكونة له (كالمحكمة العقارية ومجالس الشغل) والنظر في إمكانية إلغاء مجلس القضاء العسكري وإشراف وزارة الدفاع على المحاكم العسكرية بناء على ما يقتضيه الدستور من أنّ القضاء سلطة مستقلة واستنادا الى المعايير الدولية في هذا الشأن. 9. التأكيد على أهمية مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل المنصوص عليه بالفصل 107 من الدستور وأساسا ما يتضمّنه من عدم قابلية القاضي للنقلة دون رضاه كضمانة جوهرية لمصلحة المتقاضين مع ملاحظة أنّ المشروع المقدّم من وزارة العدل قد أدرج بالفصل 42 استثناءات جدّية على ذلك المبدأ من شأنها المساس بضمانات استقلال القضاء كإمكانية نقلة القاضي لمتطلبات مصلحة العمل ولمدّة تصل لثلاث سنوات وفي صور متعدّدة من بينها على سبيل المثال إحداث محاكم أو دوائر جديدة وذلك خلافا للمعايير الدولية والتجارب المقارنة. 10. وضع موانع ترشح لعضوية المجلس الأعلى للقضاء ومختلف المجالس القضائية التي من شأنها القطع مع الممارسات السابقة وما تميزت به من استغلال للمجلس الأعلى للقضاء ومشاركة بعض أعضائه في ترسيخ النظام الاستبدادي. 11. تمكين مختلف الأعضاء المنتسبين للمهن القضائية والقانونية من الترشح لعضوية المجلس الأعلى للقضاء ومختلف هياكله استنادا للشروط الواردة بالدستور والمتعلقة بالاستقلالية والاختصاص. 12. الإقرار للمجلس الأعلى للقضاء بصلاحية فضّ المسائل المتعلقة بتنازع الاختصاص بين الأجهزة القضائية في إطار صلاحياته العامة المرتبطة بحسن سير القضاء وفي غياب التنصيص بالدستور على محكمة تنظر في تنازع الاختصاص بين الأجهزة القضائية. 13. الإقرار للمجلس الأعلى للقضاء بصلاحية انتداب القضاة وتكوينهم وتقييمهم وإسناد الرّخص الخاصّة بهم فضلا عن التفقد القضائي. 14. ملاءمة أحكام القانون الأساسي للميزانية ومجلة المحاسبة العمومية مع أحكام الدستور فيما يتعلق بالاستقلال الإداري والمالي للمجلس الأعلى للقضاء. 15. ضبط الإجراءات الخاصّة بإعداد وتنفيذ ميزانية المجلس الأعلى للقضاء بالقانون المنظم له بما يضمن استقلاله المالي والإداري. 16. تمتيع المجلس الأعلى للقضاء بحرّية ضبط نظامه الداخلي وهيكله التنظيمي. 17. ضبط مصالح وزارة العدل الواجب إلحاقها بالمجلس الأعلى للقضاء. 18. تمكين المجلس الأعلى للقضاء من مقر موحد لإدارة شؤونه. لجنة التوصيات: – السيد عبد الفتاح خرشاني: قاضي عدلي – السيد فريد الصغير: قاضي إداري عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء