هل تعرفون الشنفرى وعُرْوة بن الورد ... هما من أشهر الشعراء الصعاليك في تاريخ العرب والعجم وأخبارهم بقيت إلى اليوم تتحدث عن شعرهم كما صعلكتهم وإن ذهبت صعلكتهم فإن شعرهم بقي وهو ما يشفع لهما ولأمثالهما لكي يبقوْا هامات وقامات في تاريخ الأدب العربي القديم والحديث الشعراء الصعاليك بعثوا بعد الثورة في تونس لكن بالصعلكة دون الشعر .... فالمدرسة التي نهلوا منها علومهم لقّنتهم تقنيات الفساد والإفساد والتطبيل والتزمير واستعراض العضلات بدل إعمال الفكر وكلام العقل مصْداقا لذلك المثل الشعبي التونسي فلان ” متربّي في شُعْبة ” ذلك أن شروط الدخول لهذه المدرسة لا تتعدّى جثّة ضخمة بدون عقل وعضلات مفتولة تحمل وشمَ حبيبة هاربة ورقبة “بقّاري” تزيّنها “شرْكة” ذهبْ عنوانا للانتماء لحزب الصعاليك وقاموسا من المفْردات الهابطة ولغة المجاري مسجّل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية في صفاقس الشنفرى وعُروة بسطا سلطتهُما على باب الجبلي لا حاكم يحْكمْ معهما ولا هم يحزنون ... ينْصبان الخيام والموائد والعربات الخشبية ويعْرضان ما يشاءان من الخضر والغلال المحلّي منها والمُهرّب ويحتلاّن الطرقات والأرصفة على مرآى ومسْمع من أعوان تراتيب بلدية نالوا علاوات مادية لتفعيل دورهم الوقائي فإذا بهم يأخذون المال ويستقيلوا من العمل وكذا الحال بالنسبة لأعوان الأمن والذي يبدو أن عملهم بات يكتسي طابعا موسميا ثم ” امسح مات ” ومع استقالة السلط العمومية عن دورها في مواجهة الشنفرى وعُروة وأعوانهما أصبح سكّان صفاقس وروّاد “البْلادْ العربي” يمنّون النفس بتوقف الوضع على الانتصاب الفوضوي والغش في السلع والترفيع في الأسعار والتلاعب بالميزان( الكيلو يساوي 750 في أحسن الحالات) وإشاعة قبيح الكلام ولسان حالهم يقول ” يجعل هاكه حد الباسْ ” أما أن يتحوّل هذا الوضع إلى معاقرة الخمر على الملأ مع بداية غروب الشمس وتسريب بعض السجائر المحشوّة بتلك المواد فهذا يعني أن ” العزري أقوى من سيدو ” وأن فلسفة الصعاليك المُقنّنة باتت هي المسيطرة ولها اليد الطولى في زمن أنجز فيه شعب ثورة دفع فيها من دماء أبنائه أنهارا من أجل إزالة صعلكة ممنهجة تسيّرُها عصابة الطرابلسية وبن علي وأذنابهما عبر أياد خفيّة تتحكّم في مفاصل القرار الإداري والمالي والقانوني في أجهزة الدولة ومن مفارقات الدهر أن الشنفرى وعُروة أصبحا يُدْعوان بسي فلان وهكذا بات المثل الشعبي ” حاميها حراميها” واقعا معيشا لمئات وآلاف تجار الخضر والغلال أصحاب الدكاكين المعدّة لذلك الذين يعيشون كسادا في تجارتهم وتعدّيا صارخا على حقوقهم دون أن يقْدروا على مجابهة الصعاليك ومن ورائهم من ” الباندية” والخَلايَقْ” وفي انتظار أن يغيّر الله ما بقوم من سكون وخنوع مواطنين وسلطة ماذا لوْ قاطع المواطن الكريم بضاعة الصعاليك ويُقسم ألاّ يشتري منهم شيئا عملا بالمثل القائل : إذا عجْبك رخْصُو شوف آش يخصُّو