(ريبورتاج + صور حصرية لوات) حمام الأنف (وات، تحرير إيمان بحرون)- وسط حراسة مشددة مردها تجنب تسرب أية معلومة، حل منذ بداية الأسبوع الماضي المخرج العالمي الكسندر اركدي وفريق عمله بمدينة حمام الأنف (الضاحية الجنوبية للعاصمة) وبالتحديد على شاطئها حيث يقع منزل فخم شيد من عهد الاستعمار الفرنسي لتونس ليكون مسرحا لأحداث آخر أفلامه "ما لليل على النهار" عن رواية للكاتب الجزائري ياسمينا خضراء كانت الأكثر مبيعا في فرنسا سنة صدورها (2009). التصوير الفوتوغرافي الصحفي وحتى الشخصي ممنوع، المرور على شاطئ المدينة ممنوع أيضا، متساكنو الشارع حيث يجري التصوير يجدون صعوبة كبيرة في الدخول الى منازلهم، وإن حاول راغبون في متابعة مشاهد من الفيلم حتى عن بعد تمنعهم قوات الأمن والجيش الوطنيين من الاقتراب...حالة من الاستنفار عمت المكان وطغت على الزمان فأضفت عليهما جوا غير اعتيادي له رهبته لا سيما وصوت مساعد المخرج يعلو من دقيقة الى أخرى "سكوت،سنصور" فالكسندر اركادي المخرج العالمي يتحول وقت التصوير الى شخص آخر يرفض الكلام الا لتوجيه الممثلين او مساعديه...لا يقبل الغرباء ولا سيما الصحافة. من شرفة أحد منزلين هما الوحيدان المطلان على بلاتوه التصوير تابعنا عددا كبيرا من المشاهد والتقطنا صورا على طريقة البابارازي في غفلة من المخرج وفريقه، فالحديث عن الفيلم ونشر صور عنه ممنوع تماما إلى حين تنظيم لقاء إعلامي سيدعو إليه المخرج الصحافة العالمية وستحتضنه تونس خلال الأسابيع القادمة. هذا العمل السينمائي الضخم الذي تتجاوز ميزانيته 17 مليون اورو (34 مليار من المليمات) يمثل مرحلة فاصلة في حياة المخرج وهو ما أكده في تصريح مقتضب وتقريبا الوحيد لإحدى المجلات الفرنسية المختصة في الفن السابع، فرواية ياسمينا خضراء كما قال "هي عبارة عن حالة إنسانية استثنائية، من شأنها أن تعيد النظر في إرث العلاقات التاريخية بين الجزائروفرنسا، ذلك التاريخ المليء بالصدام". في أحد المشاهد التي تابعنا تصويرها يظهر بطل الفيلم الطفل "يونس" أو "جوناس" كما يناديه جيرانه الفرنسيون حيث يعيش مع عمه الصيدلاني المترف محمد في منزل فخم قبالة البحر في مدينة وهرانالجزائرية (والمنزل حيث تم التصوير في حمام الأنف تعود ملكيته للمرحومة توحيدة بالشيخ أول طبيبة تونسية) والمتزوج من الفرنسية مادلين التي أتاحت له الفرصة للتعايش مع الفرنسيين المقيمين في المدينة بما جعل جوناس يربط علاقات حميمية مع مراهقين من سنه لم تتأثر بالصراعات القائمة بين الجزائريين والفرنسيين زمن تصوير الفيلم (1928-1968). دور يونس الذي رفض أركادي التصريح باسم البطل الذي سيجسده قام به الممثل وعارض الأزياء الفرنسي الجنسية المغربي الأصل فؤاد ايت اتو وجسدت دور حبيبته ايميلي التي تنبني على تطور علاقته بها الأحداث الرئيسية للفيلم عارضة الأزياء مارين فاشت. فضاء التصوير انقسم إلى مشاهد داخلية احتضنتها الفيلا حيث مسرح الأحداث العائلية الخاصة بالعم محمد (قام بدوره الممثل الجزائري فلاق) وزوجته مادلين (قامت بدورها الفرنسية أن باريو) ويونس والى مشاهد خارجية حولت الشاطئ والشارع العمودي الذي يقابله الى الحقبة التاريخية التي دارت فيها الأحداث (صورة مرفقة). التصوير تواصل ستة أيام بحمام الأنف ليختتم ليلة الخميس الماضي بإطلاق الشماريخ إعلانا عن الانتهاء من جزء هام من تصوير هذا الفيلم المنتظر من قبل الصحافة العالمية والنقاد لأهمية المخرج والرواية التي ولئن دارت أحداثها في الجزائر إلا أن التعقيدات الإدارية هناك حولت تصوير الجزء الأكبر منها إلى تونس.