تونس (وات- تحرير اشراف الصيد)- تخوض تونس يوم 23 أكتوبر الجاري أول استحقاق انتخابي بعد ثورة 14 جانفي 2011 التي قام بها الشعب لاسترجاع حقوقه في الكرامة والعدالة والمساواة وفي العيش في مناخ من الحرية والديمقراطية. وتسعى كافة الأطراف الفاعلة في المشهد الوطني إلى ان يقطع هذا الاستحقاق الانتخابي مع الماضي ويفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس الحديث ويؤسس لنظام ديمقراطي تعددي تكون فيه الكلمة والسلطة للشعب. وتعمل كافة الأطراف الوطنية من حكومة وهيئات مختصة وأحزاب ومكونات مجتمع مدني على ان تكون انتخابات 23 أكتوبر أول استحقاق تعددي فعلي منذ الاستقلال لانتخاب مجلس وطني تأسيسي ستكون مهمته الأساسية صياغة دستور جديد. وان أهم ما يميز هذه الانتخابات خروج وزارة الداخلية لأول مرة من دائرة الإشراف عن العملية الانتخابية ليقتصر دورها إلى جانب الجيش الوطني، على تامين الجانب الأمني وتهيئة الظروف الملائمة لضمان حسن سير الانتخابات ، وانتقال هذه العملية بكل مراحلها إلى هيئة مستقلة هي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي احدثت بمقتضى المرسوم عدد27 لسنة 2011. وقد تم تمكين هذه الهيئة التي تشرف على انتخابات التأسيسي والإعداد لها ومراقبتها من كل الوسائل المادية واللوجستية وهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وخصصت لها الدولة اعتمادات وتسهيلات بما يساعدها على الاضطلاع بمهامها على أكمل وجه. وتنتهي مهام الهيئة بالإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات. وخلافا لما كانت تشهده الانتخابات في العقود الماضية من ترشح عدد محدود من القائمات الحزبية والائتلافية والمستقلة بلغ عدد المترشحين لانتخابات المجلس التأسيسي وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 11686 شخصا. وتأتي القائمات الحزبية، في الصدارة حيث تعد حوالي828 قائمة تليها القائمات المستقلة ب655 قائمة ثم القائمات الائتلافية ب34 قائمة. ومن خصوصيات انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كذلك ما نص عليه المرسوم المتعلق بتنظيم هذه الانتخابات من وجوب احترام مبدأ التناصف في القائمات المترشحة حتى يكون عدد المترشحين في كل قائمة متساويا بين الرجال والنساء. كما تبرز أوجه الاختلاف من خلال الحرص على إجراء الانتخابات تحت مراقبة محلية وبحضور ملاحظين دوليين ضمانا للشفافية والنزاهة حيث تم اعتماد ملاحظين أجانب لمتابعة فعاليات سير العملية بمختلف مراحلها سواء خلال الحملة الدعائية أو أثناء عمليات الاقتراع أو بعدها. والى جانب الملاحظين الدوليين يشارك ممثلون عن المجتمع المدني في عملية المراقبة وذلك من خلال مرصد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي يضم 35 ملاحظا و"مرصد شاهد" الذي احدث ببادرة من الهيئة الوطنية للمحامين وعدد من الجمعيات والمرصد الذي أطلقته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالتعاون مع قرابة 20 جمعية ليضم 3800 ملاحظا إضافة إلى تحالف المواطنة لمراقبة الانتخابات الذي بعثته جمعيات عديدة أخرى. وبذلك بلغ العدد الجملي للملاحظين حسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 5143 منهم 533 ملاحظا أجنبيا و15 منظمة أجنبية بهدف متابعة سير الانتخابات ومعاينة ما قد يحصل خلالها من تجاوزات واخلالات. وضمانا لحسن سير مختلف مراحل العملية الانتخابية أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات "مدونة سلوك انتخابي" دعت فيها كافة الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية إلى احترام ما ورد في هذه المدونة من مبادئ وسلوكيات. وتحدد هذه الوثيقة مهام كل الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئات المتفرعة عنها والأحزاب والمرشحون المستقلون وممثلوهم والمراقبون والملاحظون ووسائل الإعلام ومؤسسات الحكومة والمجتمع المدني. وتنص الوثيقة كذلك على ان تعمل جميع هذه الأطراف على ضمان سير عمليات الترشح والاقتراع على أساس المنافسة الشريفة وذلك من خلال احترام جملة من المبادئ الانتخابية من أهمها القانون الانتخابي والقرارات الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والقضاء. وفي سياق متصل أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ضرورة احترام الضوابط القانونية المتعلقة بفترة الصمت الانتخابي الذي يوافق اليوم السبت 22 أكتوبر والتي تنصٌ على تحجير توزيع الإعلانات المتضمنة للقائمة الاسمية للمترشحين أو صورهم أو اسم القائمة وبرنامجها، وتحجير توجيه إرساليات عبر الهاتف الجوٌال إلى العموم للتأثير عليهم أو استعمال أي وسيلة إشهار أخرى وذلك بعد انتهاء الحملة الانتخابية وطيلة يوم الاقتراع. وتنتظر المجلس الوطني التأسيسي الذي ستفرزه انتخابات 23 أكتوبر عديد المهام لعل أهمها صياغة دستور جديد للبلاد يضمن الحقوق والحريات ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وطبيعة النظام السياسي الذي سيتم اعتماده فضلا عن تكريس استقلالية القضاء والقضاء الدستوري والفصل بين السلط وتجسيم المبادئ التي جاءت بها ثورة 14 جانفي.