تونس / تحرير وات/- يطرح الاتحاد التونسي للشغل بمناسبة استعداده لعقد مؤتمره الثاني والعشرين جملة من التصورات تتعلق بما أسماه "أرضية عمل اقتصادية واجتماعية" يرصد فيها التوجهات الكبرى للعمل في المرحلة القادمة. ويقترح الاتحاد في الجانب الاقتصادي إعادة هيكلة الاقتصاد وفق جملة من الأولويات تهدف إلى تحقيق التراكم الداخلي وتنمية القطاعات المنتجة ذات القدرة التشغيلية العالية وتنويع حقول الاستثمار. ويدعو الاتحاد قي وثيقته التي يقترحها على هامش استعداده لعقد مؤتمره الثاني والعشرين إلى ضرورة الاستثمار في القطاعات المنتجة وتنويع النسيج الصناعي وتفعيل دور القطاع السياحي والنهوض بالقطاع الفلاحي وفق رؤية جديدة، إضافة إلى مراجعة الاتفاقيات التي كرست هيمنة الشركات العابرة للحدود. كما يدعو إلى تنويع الأنشطة الحيوية التي تتميز بكثافة المبادلات الصناعية البينية والارتقاء من مرحلة انتاج مواد الاستهلاك إلى طور إنتاج وسائل الإنتاج . ورسم الاتحاد لتحقيق ذلك جملة من الأهداف تتمثل في إرساء سياسة حوافز انتقائية تشجع رأس المال الوطني على الاستثمار وتدفع صغار المنتجين إلى التنظم في هياكل مستقلة إلى جانب توفير الحماية الدنيا والضرورية للصناعة الوطنية وعدم الارتهان الكلى في الأسواق العالمية ومزيد ربط التعليم بدورة الإنتاج. وترى المنظمة الشغيلة أن هيكلة الفلاحة الحالية تشكل العائق الرئيسي أمام تطور القوى المنتجة وتعصير القطاع الفلاحي، وهو ما يستدعي إدخال إصلاحات جذرية تؤمن القوى المنتجة في الريف وتحول الأراضي الفلاحية العمومية إلى تعاونيات فلاحية يساهم العمال والفلاحون في إداراتها، إضافة إلى بعث تعاونيات تشاركية توكل مهمة تسييرها إلى مجالس ومنتخبة والتركيز على الزراعات الكبرى وتوجيه الإنتاج الفلاحي أساسا لتلبية حاجيات السوق الداخلية ودعم البحث العلمي الفلاحي. ويعتبر الاتحاد أن بناء اقتصاد وطني في خدمة الشعب يتطلب توزيعا عادلا للثروة وتنمية جهوية متوازنة من خلال إدماج اقتصادي فعال للجهات المهمشة والمقصية في الدورة الاقتصادية الوطنية وتحسين القدرة الشرائية للمواطن و تضمين حق الشغل القار في الدستور و تطوير المنظومة القانونية بما يحمى حقوق العمال ويقطع مع أشكال التشغيل الهشة. وتدعو وثيقة الاتحاد إلى اعتماد نظام تأجير قائم على قاعدة الاحتياجات الاجتماعية وتطوير نظام جبائي مؤسس على التوزيع العادل للأعباء الجبائية. وترى الوثيقة أن النظام الضريبي غير المباشر لا يأخذ في الحسبان الوضعية المادية للشخص، فبقدر ما تكون نسبة الضرائب مرتفعة بقدر ما يخل ذلك بالعدالة الجبائية التي تنتهي بتحميل ضعاف الدخل ضغطا جبائيا كبيرا وهو ما يؤدي إلى خلق توزيع غير متكافىء لهذه الضرائب يزيده سوءا استفحال ظاهرة التهرب الجبائي وبروز الاقتصاد الموازي الذي لا يخضع للجباية المباشرة. وتقترح الوثيقة ذاتها إيقاف العمل بنظام الامتيازات الجبائية الحالي نظرا لكلفته الباهضة وضعف مردوديته وتعويضه بنظام يعتمد سياسة تعاقدية بين الدولة والقطاع الخاص مع إلزام كل المؤسسات باعتماد معايير المحاسبة ومراقبة موازناتها اعتمادا على معايير المعلومات الدولية المعروفة. ويدعو الاتحاد بخصوص التشغيل إلى تفعيل الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة والمتصلة بسياسة التشغيل وتشريك الأطراف الاجتماعية تشريكا فعليا في رسم هذه الملامح. كما يقترح إعادة النظر في مجلة الشغل بإجراء تعديلات ضرورية عليها وتوسيع مجال تدخل متفقد الشغل من أجل مزيد تأمين حماية الشغالين في مختلف القطاعات والمحافظة على القطاع العمومي ودعمه وإرساء منظومة تكوينية تعتمد على نظرة استراتيجية للتنمية. ويدعو اتحاد الشغالين إلى تطوير نظام العلاقات المهنية بإعادة النظر في القوانين الشغلية بما يراعي المبادىء الدولية المتفق عليها ويحمى حقوق المؤجر والأجير. كما يدعو الاتحاد إلى التنصيص على حق الإضراب والإعلام والتفاوض وحماية العمل النقابي وإصلاح المنظومة الاجتماعية وخاصة منها أنظمة الضمان الاجتماعي ومعالجة العوامل التي أدت إلى اختلال التوازن في الصناديق الاجتماعية. ولم يغفل الاتحاد الدعوة إلى النهوض بأوضاع المرأة العاملة والى مزيد تشريكها في مراكز اتخاذ القرار وتطوير التشريعات بشأنها وتعزيز حضورها في الوسط الاجتماعي. وفي المجال الثقافي، يدعو الاتحاد إلى الارتقاء بوعي الجماهير ومقاومة ثقافة الخضوع و الاستسلام وخلق معادلة توازن بين التمسك بالخصوصيات والانفتاح على الجوانب النيرة في الثقافات الأخرى وفسح المجال أمام مظاهر الإبداع الثقافي في شتى أشكاله. أما في مجال الإعلام، يوصي الاتحاد بتركيز إعلام يستجيب لمطالب الثورة وأهدافها، يكون متطورا من حيث المضامين وداعما لحق المواطن في التعبير الحر. ويدعو في هذا الصدد إلى إحداث مراجعات على مجلة الصحافة وإعادة النظر في وسائل الإعلام العمومية واعتبارها مرافق عمومية تخدم كل المجموعة الوطنية. وفي خصوص القطاع التربوي، يدعو الاتحاد إلى دمقرطة التعليم وتأكيد مساواة كل أبناء تونس في التمتع بهذا الحق وتخصيص الاعتمادات اللازمة لهذه المنظومة حتى تكون في مستوى التحولات العالمية. كما يدعو إلى تدعيم هياكل التأطير والتدريس والإحاطة بالمعلمين من خلال إعادة النظر في البرامج المدرسية ومناهجها على أساس احترام مكونات الهوية وخاصة منها جوانبها الثابتة.