توزر (وات، تحرير فيصل الرخ)- على مدى سنوات طويلة عانت التنمية في ولاية توزر من العديد من الإشكاليات الهيكلية والإدارية والمالية وتعطلت جملة من المشاريع الهامة التي لو أنجزت لكانت غيرت ملامح الجهة على عدة مستويات لعل من أبرزها التشغيل والبنية الأساسية وتحسين مستوى عيش الأهالي بها. الآن، وبعد نحو سنة ونيف من اندلاع ثورة 14 جانفي والوعود الكثيرة التي أطلقت للنهوض بالمنطقة وإعادة الاعتبار لها تنمويا، ما زال الوضع على ماهو عليه ولم يتغير شيئا تقريبا: نفس الصعوبات والتعطيلات والعقليات، إدارات في سبات عميق لم تع التغيير الحاصل في البلاد وأساليب عمل عقيمة وبالية لتتواصل معاناة الاستثمار والمستثمرين في كامل المنطقة. ومن الاسئلة التي تطرح بإلحاح في توزر، لماذا توقف التفكير في مشروع الطريق السريعة إلى مدن الوسط الغربي والجنوب الغربي عند حدود ولاية قفصة؟ لماذا تم استثناء ولاية توزر من هذا المشروع الطموح ؟والحال ان هذا الانجاز من شأنه ان يعطي للتنمية بالجهة دفعا جديدا لأنه سيسهم في تقليص المسافة بين تونسوتوزر من 6 ساعات حاليا إلى أربع ساعات وهذا عامل إغراء وجذب للمستثمرين. ويتساءل الأهالي كذلك عن استثناء ولاية توزر من الربط بشبكة الغاز الطبيعي والحال انها أصبحت على بعد 90 كلم فقط منها، الا يمكن لذلك ان يشكل عامل استقطاب للاستثمار ويساعد على تسويق ولاية توزر كوجهة للاستثمارات الداخلية والخارجية. ان جرد بسيط لجملة من نوايا الاستثمار والمبادرات التي تقدم بها مستثمرون تونسيون وأجانب على مدى السنتين الأخيرتين كشف حقيقة رهيبة وهي ان أكثر من30 مشروعا استثماريا في عدة قطاعات اقتصادية باعتمادات جمليه في حدود1200 مليون دينار موجودة اليوم على رفوف السلط الجهوية والمركزية ويتواصل تعطيل انجازها إلى الآن، هذه المشاريع لو أنجزت فانها قادرة على توظيف حوالي 8 آلاف موطن شغل على الأقل مع ما يعنيه ذلك من ثروة وديناميكية اقتصادية واجتماعية ستخلقها هذه الإحداثيات في الجهة. -"وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية المتهم الأول" من أبرز معوقات الاستثمار في مناطق ولاية توزر، صعوبات الحصول على قطعة ارض ذلك ان 95 في المائة من الأراضي بهذه الجهة هي دولية وتسوية وضعيتها او تغيير صبغتا يتطلب سنوات وسنوات وهذا الأمر أدى خلال السنوات الأخيرة إلى هروب عدد من المستثمرين، ورغم إدراك جميع الأطراف والمصالح الجهوية لأهمية هذا الإشكال والإحباط الذي يخلفه لدى كثير من المستثمرين والباعثين فان الوضع ما زال على ما هو عليه ولا احد في الجهة وعلى المستوى المركزي يقدم تفسيرا لذلك. كذلك، لم يواكب العمل الإداري ذو العلاقة بالاستثمار وإحداث المشاريع بالجهة تطور نوايا الاستثمار المعلنة في الجهة وتنامي الفرص الحقيقية والقابلة للانجاز لعديد المشاريع الهامة المصرح بها. من ناحية أخرى تفرض البنوك وهياكل التمويل شروطا مجحفة لمساعدة صغار المستثمرين والباعثين في الجهة على إحداث مشاريع تنموية بالمنطقة وبات من الضروري التفكير في إحداث بنك أو صندوق لتنمية الجريد وتطوير دور ديوان تنمية الجنوب بما يساعد على إكساب تدخلاته النجاعة المرجوة. - مشروع القرن، مجمع استغلال فسفاط الجريد اكتشفت منذ سنوات السبعينات بين مدينتي توزر ونفطة مدخرات هامة من مادة الفسفاط ولو تم استغلالها حينها فانها كانت ستحدث نقلة هامة في المنوال التنموي في الجهة بالنظر إلى العدد الهائل من مواطن الشغل التي سيحدثها مشروع الاستغلال وقيمة الثروة التي سيضخها في الاقتصاد المحلي. وفى الفترة الأخيرة، تقدمت شركة أردنية استرالية بفكرة مشروع للسلط الجهوية والوطنية لإنشاء مجمع مصانع لاستخراج وتحويل مادة الفسفاط باستثمارات تناهز ألف مليون دولار أي ما يعادل 1450 مليون دينار تونسي وسيسهم في خلق قرابة 5 آلاف فرصة عمل مباشرة دون اعتبار مواطن الشغل غير المباشرة . ووفق دراسة فنية أعدتها هذه الشركة فان نوعية الفسفاط الموجودة في هذه المدخرات تعد من أجود الأنواع على المستوى العالمي. ومن مكونات هذا المجمع منجم للفسفاط بطاقة إنتاج في حدود 10 مليون طن سنويا ومصنع لإنتاج الجير بطاقة تقارب 5 مليون طن سنويا. ومن ايجابيات هذا المشروع انه يدخل حيز الإنتاج خلال 18 شهرا فقط ،فضلا عن ان المستثمر الأردني وعد بالمحافظة على البيئة. - كلية للطب ومصحة متعددة الاختصاصات منذ سنة ونيف أبدى مستثمرون تونسيون وفرنسيون رغبتهم في إحداث كلية للطب بالجهة ومصحة تعليمية متعددة الاختصاصات باستثمارات جملية تقدر ب 100 مليون دينار بالتعاون مع جامعة فرنسية ستتولى إسناد الشهائد للطلبة المتخرجين. وسيسهم هذا المشروع في إحداث ألف فرصة عمل لأبناء الجهة والمناطق المجاورة بين مباشرة وغير مباشرة. ومن المشاريع المتعطلة كذلك، وحدة لزراعة واستخراج مادة البوتاس بشط الجريد بكلفة تناهز 8 مليون دينار من المؤمل ان تحدث حوالي 450 فرصة عمل. وتوجد على رفوف المصالح الجهوية والمركزية نوايا استثمار هامة في الجهة قادرة على خلق حوالي ألف فرصة عمل وفق دراسات أولية منها عدة مشاريع سياحية وتنشيطية وترفيهية بقيمة 60 مليون دينار ومركز أبحاث في البيوتكنولوجيا ووحدة لزراعة النباتات الطبية ومركب تجاري عصري ضخم بتوزر. كذلك أبدى مستثمرون تونسيون وأجانب رغبتهم في إحداث مركز طبي لمعالجة الأمراض التنفسية بالمياه الساخنة بمنطقة المحاسن من معتمدية دقاش باستثمارات في حدود7 مليون دينار ومركب سياحي بحامة الجريد و3 وحدات لصناعة الاجر بكلفة 13 مليون دينار. ويقترح العديد من مكونات المجتمع المدني بالجهة، تطوير مركز بحوث النخيل في دقاش إلى قطب تكنولوجي مختص في فلاحة النخيل والفلاحة البيولوجية والجيو حرارية وهو ما سيسهم في مزيد تطوير هذا القطاع في الجهة واستغلال المزايا الطبيعية المتوفرة بالجهة.