تونس 17 جوان 2009 (وات) على البلدان المتوسطية التي يرتبط اقتصادها باقتصاديات الضفة الشمالية القيام بمجهود إضافي على طريق الاندماج الإقليمي وتشخيص فضاء أورومتوسطي متضامن من شأنه خدمة مصلحة المنطقة واحتواء انعكاسات الأزمة الاقتصادية الدولية. وإن ما يزيد من حتمية هذا الاندماج أن بلدان الضفة الشمالية تتوجه في ظل الأزمة إلى اعتماد سياسات حمائية التخفيض من الاستثمارات نحو البلدان الجنوب المتوسط وتخفيضات تنافسية في أسعار الصرف. وإلى اتخاذ إجراءات فردية لا تأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية في المنطقة بصفة عامة. ذلك ما أكده المشاركون في الندوة السنوية الاورومتوسطية الثامنة التي نظمها مركز جامعة الدول العربية بتونس يوم الأربعاء حول موضوع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتداعياتها على العلاقات الاورومتوسطية. وأبرز السيد توفيق بكار محافظ البنك المركزي بالمناسبة أهمية تكثيف الجهود وتعزيز التعاون بين بلدان ضفتي المتوسط والعمل على إرساء منطقة للتبادل الحر في الفضاء الاورومتوسطي تكون السبيل الأمثل للخروج من الأزمة. وأكد أن هذا الاندماج يجب ان ياخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت الفوارق في مستويات النمو بين الصفتين ومراعاة الاهداف الوطنية والاولويات وخاصيات كل بلد. وبين ان مسار برشلونة ولئن حقق بعض التقدم في السنوات الأخيرة فان النتائج التي توصل اليها تبقى دون التطلعات خاصة في مستوى الرفع من نسق النمو ودفع الاستثمارات المباشرة والتحويلات المالية. وفسر محافظ البنك المركزي هذه النتائج بضعف نسق اندماج بلدان المنطقة الذي وصفه بالمتواضع مقارنة مع ما حققته المجموعات الاقتصادية الأخرى على غرار الاتحاد الأوروبي ورابطة جنوب شرق آسيا والسوق المشتركة لدول أمريكا اللاتينية. وعلى المستوى الوطني أكد السيد توفيق بكار أن تونس التي جعلت من الانفتاح على الخارج خيارا استراتيجيا أقرت سلسلة من الإجراءات ترمي الى مساندة المؤسسات التي تشهد تقلصا في نشاطها ودعم القدرة التنافسية للنسيج الصناعي وتعزيز الحركة الاقتصادية ودفع التصدير مذكرا بأن رئيس الدولة قد أذن بتمديد الإجراءات التي تم اتخاذها لمساندة المؤسسات المصدرة الى نهاية 2009 وتوسيع مجالات تدخلها بالنظر مع مقتضيات المرحلة الحالية. وبين ان هذه الإجراءات التي تتميز بتكاملها و تناسقها تهدف أساسا إلى الحد من تداعيات الأزمة وتأمين نسبة نمو دنيا وذلك باستغلال كل الفرص والمكامن المتاحة وكل عوامل النمو. وأبرز من جهة أخرى الدور الذي اضطلع به البنك المركزي في معاضدة الجهود المبذولة للحد من تداعيات الأزمة وذلك بملاءمة السياسات النقدية وسياسة سعر الصرف وتكييفهما مع المستجدات العالمية بما مكن من توفير السيولة على السوق النقدية والموارد الضرورية لتمويل الاقتصاد مشيرا بالخصوص إلى الإجراء المتعلق بالتخفيض في نسبة الاحتياطي الاجبارى وكذلك القرار المتعلق بالتخفيص في نسبة الفائدة المديرية ب75 نقطة قاعدية بما مكن من التخفيف في كلفة التمويل للمؤسسات والأفراد. وأكد السيد جان لويس رايفارز رئيس المجلس العلمي لمعهد المتوسط بفرنسا ان هذه الأزمة التي لا يمكن لأي خبير أن يقيم مدى تأثيرها ولا مدتها يمكن ان يكون لها تأثيرات في وقت لاحق على الاقتصاد الحقيقي لبلدان جنوب المتوسط انخفاض الصادرات وعجز الميزان التجاري وتراجع تحويلات العمال بالخارج وتقلص الاستثمارات الأجنبية المباشرة.