تونس (وات)- أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الخميس أن محاكمة الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومسؤولين آخرين، التي جرت أمام المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف، "أظهرت الخطوات التي يتعين على النظام القضائي في تونس اتخاذها من أجل محاسبة مسؤولي النظام السابق بشكل شامل وعادل على انتهاكات حقوق الإنسان التي تم ارتكابها". وأشارت المنظمة، في تقرير من 1066 صفحة، نشر الخميس، إلى وقوفها على "جوانب إيجابية في أطوار المحاكمة" مع ملاحظتها وجود " ثغرات قانونية" قالت إنها "جعلت المحكمة غير مؤهلة بشكل كامل لتحديد هوية الذين ارتكبوا عمليات القتل وتحديد المسؤولية الجزائية لمسؤولين رفيعي المستوى". كما أكدت "هيومن رايتس" ضرورة أن تعرض مثل هذه القضايا في المستقبل على محاكم مدنية وليس على محاكم عسكرية، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن القانون الدولي لا يحظر بشكل مطلق المحاكمات الغيابية إلا أنه "يبقى لبن علي الذي حكم عليه بالسجن المؤبد الحق في محاكمة جديدة إذا عاد إلى تونس". واعتبر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتش ووتش إريك غولدستين لدى تقديمه التقرير، محاكمة بن علي وكبار المسؤولين الآخرين "خطوة إلى الأمام على مسار تحقيق سيادة القانون"، مضيفا أن الحكم الذي صدر "سوف يبقى دون معنى ما لم يرجع بن علي إلى تونس لمواجهة التهم الموجهة إليه". وتابع قوله "يتعين على الحكومة التونسية مراجعة قوانينها للتقليص من الصلاحيات الكبيرة التي تتمتع بها المحاكم العسكرية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان التي قد ترتكبها القوات العسكرية أو قوات الأمن". وبين إريك غولدستين أن الأحكام الصادرة ضد بن علي والمسؤولين الأمنيين الذين عملوا معه "تبعث بإشارة تحذير قوية إلى كبار المسؤولين بوجوب توخي اليقظة اللازمة لمنع ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان"، ملاحظا أنه "يتعين على الحكومة التونسية التحرك بشكل أسرع لاسترجاع بن علي وإعادة محاكمته". وشددت هيومن رايتس ووتش على أنه يتعين على السلطات التونسية إصلاح القوانين الداخلية بما يجعل صلاحيات قضائها العسكري لا تتجاوز الجرائم ذات الطبيعة العسكرية البحتة مشيرة إلى أن المحكمة العسكرية واجهت عديد التحديات أثناء هذه القضية بحيث توصل قاضي التحقيق العسكري إلى تحديد أعوان الأمن المتورطين في ثلاث عمليات قتل فقط من أصل 23 عملية في القصرين وتالة، فيما فشل، حسب تعبيرها، في الحصول على أدلة ملموسة على قيام رؤساء العمل بإسداء تعليمات إلى مرؤوسيهم باستعمال القوة القاتلة لقمع الاحتجاجات. وأوضحت، في تقريرها، أنه في غياب أدلة ملموسة قوية وشهادات الشهود، اعتمد المدعي العام وقضاة التحقيق على "منطق الاستدلال لإدانة القادة المتهمين"، حسب تعبيرها. وأشارت المنظمة في تقريرها إلى افتقار المجلة الجزائية التونسية إلى النصوص التي تحتاج إليها مثل هذه القضايا، معتبرة أنها لا تنص على مفهوم مسؤولية القيادة الذي يعترف به القانون الدولي والذي يحمل القادة وكبار المسؤولين المدنيين مسؤولية الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بوقوعها، أو يفترض أن يكونوا قد علموا بها. جدير بالذكر أن المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف حكمت في قضية شهداء وجرحى الثورة بسجن الرئيس السابق زين العابدين بن علي بالسجن مدى الحياة بتهمة المشاركة في القتل العمد عملا بالفصل32 من المجلة الجزائية ووزير داخليته الأسبق رفيق بالحاج قاسم بالسجن لمدة 12 سنة بتهمة المشاركة في القتل العمد فضلا عن الحكم بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات على عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين. كما قضت المحكمة أيضا بعدم سماع الدعوى في حق عدد من المتهمين منهم، بالخصوص، أحمد فريعة و علي السرياطي ومنصف العجيمي و منصف كريفة.