حمام سوسة 19 مارس 2010(وات)- اختتمت مساء الخميس بالقنطاوى فعاليات الندوة العلمية تحت عنوان "حمام سوسة عبر التاريخ "التي نظمتها جامعة سوسة بالتعاون مع بلدية حمام سوسة في اطار سلسلة من الندوات الدورية تنظمها الجامعة حول مدن الوسط التونسي وقراه. وتناولت الندوة التي تواصلت على امتداد أيام 16 و17 و 18 مارس الجاري عدة محاور تتصل بتاريخ مدينة حمام سوسة ومخزونها التراثى الثرى والمتنوع. ولدى اشرافه على اختتام هذه الندوة ابرز السيد كمال مرجان عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي ووزير الشؤون الخارجية ان هذه المبادرة المتميزة تأتى تجسيما لحرص الرئيس زين العابدين بن على على كتابة التاريخ وفق منهج علمى يقوم على الموضوعية والدقة مشيرا الى ان تونس التغيير نزلت البحث العلمى منزلة استراتيجية وراهنت على قدرات كل ابنائها وعلى عزمهم الصادق في بناء مجتمع اصيل وحداثى متقدم ،للعلماء والمفكرين في كل المجالات دور هام ومحوري في إقامته. وبين الوزير في هذا السياق ان تنظيم مثل هذه الندوات العلمية والفكرية المتميزة يندرج في اطار سياسة المصالحة مع التاريخ التي ارسى دعائمها الرئيس زين العابدين بن على منذ تحول السابع من نوفمبر الذي مثل في حد ذاته احد اهم المنعرجات الحاسمة في تاريخ تونس الحديث التي امنت مصالحة التونسي مع هويته ووصلت ماضيه بحاضره وغذت فيه الثقة والامل في المستقبل. وأبرز عضو الديوان السياسي ان المشروع الاصلاحى للتغيير الذي اسس لحاضر تونس ومستقبل اجيالها استلهم مقوماته من رصيدنا التراثى الزاخر الذي مثل في فكر الرئيس بن على احد اهم منطلقات التعبير عن الذات ومرجعية اساسية لشخصيتنا الوطنية لما يختزنه من قيم روحية وموروث فكرى رسم خصوصيتنا التاريخية والثقافية والاجتماعية. وأضاف ان ذاكرة التاريخ تشهد لتونس اسهام رجالاتها ورموزها ومبدعيها على مر العصور في اثراء التراث العالمى الانسانى في مختلف المجالات العلمية والفكرية والادبية والسياسية وريادة تجربة الاصلاح فيها بفضل مد اصلاحى تراكمى قاده مفكرون ومصلحون وطنيون بذلوا النفس والنفيس من اجل ان تستعيد تونس مجدها الثقافى والحضارى ومكانها اللائق بين الامم. وذكر الوزير بالمكانة الاستراتيجية التي تحتلها الثقافة في المشروع الحضارى لتونس التغيير مبينا انها بما تنطوى عليه من مضامين روحية ومعرفية ومادية سند للتغيير والاصلاح والتحديث واداة فاعلة لتحقيق التنمية الشاملة وهى ايضا حق اساسي متاح لجميع التونسيين والتونسيات ضمنته المقاربة الوطنية الشاملة لحقوق الانسان نصا وممارسة مشيرا في هذا الصدد الى ان رئيس الدولة خص الثقافة بجزء مهم في برنامجه المستقبلى "معا لرفع التحديات ". كما بين السيد كمال مرجان ان الخصوصيات المعمارية والشواهد الفنية ومظاهر الجمالية التي تزخر بها مختلف مدننا وقرانا حظيت بمكانة مركزية في منظومتنا الثقافية اذ تعددت لفائدتها المبادرات والحوافز والاجراءات قصد صيانتها والمحافظة عليها والتوثيق لها عبر تشجيع البحث والدراسات العلمية في هذا المجال من أجل تأمين حسن استغلال هذا الموروث وتوظيف مزاياه لخدمة اهدافنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأبرز ان عراقة بلادنا التاريخية ومدنيتها الضاربة في القدم وشعبها المتشبع بقيم الاعتدال والوسطية والانفتاح الواعى على الاخر وما تنعم به من امن واستقرار اجتماعى تمثل مقومات اساسية من اجل مزيد اشعاع صورة تونس الناصعة والمتألقة بين الامم وتحقيق اهدافها الوطنية. وأضاف الوزير ان البحث والتحقيق في تاريخ مدننا وقرانا ودراسة الاحداث التي شهدتها عبر العصور بالتدقيق والتبيان والتحليل وابراز ما تختزنه بلادنا من مآثر ثقافية زاخرة ونضالات اعلام ورموز وطنية تاريخية تذكى فينا روح البذل والعطاء وتنمى لدى التونسي القدرة على الخلق والابداع. وأوضح ان الناظر في تاريخ تونس والمحقق في مختلف حقباته يلمس لدى الشعب التونسي رغبة دائمة في الحياة حياة الحرية والكرامة والسيادة وتمسكا قويا بهويته وخصوصياته الثقافية والحضارية مضيفا ان هذه الحقيقة نستلهم قداسة معانيها ودلالاتها من كفاح شعبنا ونضالاته وتضحيات شهدائه من اجل نيل الاستقلال الذي نستعد لإحياء ذكراه يوم السبت. وفي ختام مداخلته اكد الوزير ان تاريخ الشعوب يشهد على ان حقبات ازدهارها تظل لا محالة مقترنة بقيادات تاريخية صادقة وواثقة قادرة على تحويل المخزون الحضارى لهذه الشعوب الى قوة دفع حقيقية تحرر الانسان من كل القيود وتجعل من اوطانها فضاءات للفكر والابداع والبذل والعطاء. وأضاف ان الرئيس زين العابدين بن على امن بوطنه ووثق في قدرة شعبه على رفع التحديات ولامس بفطنته وعمق بصيرته تاريخ تونس العريق واستقرا بنظرته الاستشرافية افاق مستقبلها. وكان عضو الديوان السياسي ووزير الشؤون الخارجية اطلع قبل ذلك على المعرض الذي اقيم بالمناسبة والذى ابرز نماذج من ادوات الحياة اليومية القديمة بمدينة حمام سوسة والازياء التقليدية. كما ابرزت الصورالفوتوغرافية واللوحات الزيتية المعروضة عددا من البناءات القديمة التي شكلت النواة الاولى للمدينة . وعاين بالمناسبة معرض الارشيف الوطنى الذي ابرز وثائق نادرة حول تاريخ المدينة وعائلاتها واملاكهم اعتمادا على احصاءات تعود الى اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.