تونس 27 أفريل 2010 (وات) - شيعت الأسرة الثقافية بعد ظهر الثلاثاء جثمان الاديب التونسي الكبير الراحل الجيلاني بن الحاج يحيى إلى مثواه الأخير بمقبرة الزلاج بحضور شخصيات وطنية وثقافية والمدير العام للالكسو. وبتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي تولى السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث تأبين الفقيد معددا خصاله ومناقبه قائلا إن الأديب الراحل الجيلاني بن الحاج يحي يعتبر علما من أعلام الأدب والفكر في تونس فهو إداري مسكون بهاجس الفعل والاجتهاد والإضافة وباحث مجبول على التنقيب والاستكشاف وكاتب ينشد التحليق بيراعه عاليا وبعيدا. واستعرض المسيرة الطويلة التي قضاها الفقيد لأكثر من ثلثي قرن في الحقلين التربوي والثقافي إذ بدأ مسيرته مربيا قبل أن تستقطبه الادارة الثقافية فكان وراء بعث العديد من التظاهرات والفضاءات الثقافية وخاصة المكتبات العمومية في القرى والارياف قبل أن ينضم الى معهد أمناء المكتبات بالعاصمة السويسرية جينيف ويحصل على منحة تخصص في فن المكتبات وعلومها من منظمة اليونسكو. وكان من أول الاخصائيين في هذا المجال وأسهم في إرساء منظومة إدارية متكاملة كانت نواة للشبكة المكتبية التي تعم حاليا مناطق البلاد كافة كما عمل خبيرا في هذا الاختصاص لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) لعدة سنوات. وأضاف ان الراحل كان غزير الانتاج متنوع المسالك يعمل مع من اصطفاهم من رفاق الدرب حينا وبمفرده في أغلب الأحيان عاد إلى أحداث معركة الزلاج ونفض أردية التعتيم عن نضالات المصلحين وأبحر عبر حياة المصلح الاجتماعي الطاهر الحداد وتراثه التنويري الرائد وركب أشعار أبي الحسن الحصري القيرواني معرفا بحياته وجامعا لمعارضات قصيدته الشهيرة "يا ليل الصب". كما عرج على العماد الاصفهاني قبل أن تستقر رحلته عند وقائع تاريخ تونس يتأمل فترات النور فيه ويعرف بالمخلصين من رجالاته فوضع "صفحات من تاريخ تونس" وكتب عن "تاريخ جامع الزيتونة" وعرف ب "العادات والتقاليد التونسية" وأبرز الوزير ان الفقيد كان نموذجا للمربي المثقف الذي وظف تكوينه البيداغوجي في اثراء ابداعاته الفكرية ودعم أعماله التربوية بزاده الثقافي الغزير مما قاده الى انتهاج طريق علوم القواميس فساهم في وضع "القاموس الجديد للطلاب" ثم "القاموس المدرسي" ف"المعجم العربي الاساسي" و"القاموس الجديد الالفبائي" بالاضافة الى العديد من القصص التي ألفها للاطفال واليافعين كما طرق باب أدب الفكاهة والظرف فأصدر "ترويح النفوس" و"أنيس الجليس". وقد نال الراحل الجيلاني بن الحاج يحيى ما يليق بشخصه ومسيرته من إحاطة وتقدير في عهد التغيير حيث كرمه الرئيس زين العابدين بن علي بأن أسند إليه الصنف الأول من وسام الاستحقاق الوطني بعنوان القطاع الثقافي.