تونس 23 نوفمبر 2010 (ات/تحرير سارة حطاب)- أذن الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الذكرى 23 للتحول بجملة من الاصلاحات الجديدة الرامية الى مزيد تطوير المنظومة القانونية والقضائية والعقابية وتيسير التقاضي ودعم الاليات التي تحمي الحريات الفردية والعامة وحقوق الانسان الموكول للقضاء السهر على احترامها باعتباره المرجع الاساسي والضامن لحماية تلك الحقوق. وتتمثل هذه الاصلاحات في انهاء العمل بمناشير التفتيش الصادرة عن الضابطة العدلية ليعهد بذلك الى الجهات القضائية دون سواها وضبط التراتيب القانونية والادارية الكفيلة بالافراج حالا عن المفتش عنه لعدم خلاص خطية بمجرد الادلاء بوصل الدفع وتيسير تسوية وضعيته مع تحديد المبلغ الادنى للخطايا التي يمكن ان يصدر بشانها منشور تفتيش. كما يتنزل في هذا الاطار الاذن باعداد مشروع قانون يحدد المدة القصوى للاحتفاظ بالنسبة الى الشخص المفتش عنه بمقتضى بطاقة جلب ويضبط اجل تقديمه للجهة القضائية المعنية مع اقرار الضمانات الكافية للمحتفظ به. كما يندرج ضمن هذه الاصلاحات النظر في مشروع تنقيح قانوني يقضي بحذف عقوبة السجن بالنسبة الى بعض المخالفات والاكتفاء بالخطية مع الترفيع في مقدارها وتيسير سبل استخلاص الديون المدنية والتجارية من الدائن من خلال مراجعة التشريع المتعلق بطرق التنفيذ. ففي ما يتعلق بانهاء العمل بمناشير التفتيش الصادرة عن الضابطة العدلية يجدر في هذا الاطار التذكير بأن ماموري الضابطة العدلية من شرطة وحرس وغيرهم يباشرون حاليا في اطار المهام الموكولة اليهم ترويج مناشير تفتيش بشان كل من لم يتيسر لهم القاء القبض عليه بمناسبة الابحاث الجارية لديهم ثم يختموا محاضرهم وينهوها الى النيابة العمومية لتقرر مآلها. وفي هذا الصدد تبقى مناشير التفتيش المروجة من قبل ماموري الضابطة العدلية بالرغم من احالة المحاضر على النيابة العمومية قائمة الى حين العثور على المعنيين بالامر وتقديمهم اليها في حال ان هذه المحاضر اما ان تكون قد الت الى الحفظ او تم على اساسها احالة المعنيين بها على المحاكمة وباشروا تسوية وضعياتهم الجزائية بقضاء العقاب او خلاص الخطية او بالانتفاع بتاجيل التنفيذ وغير ذلك من اوجه التسوية التي من المفروض ان يتم على اساسها اصدار قرار بكف التفتيش. ويتمتع مامور الضابطة العدلية المتعهد بالبحث في القضية بمقتضى انابة عدلية بنفس الصلاحيات المخولة لقاضي التحقيق ماعدا اصدار البطاقات القضائية اي بطاقتي الجلب والايداع. ولا يمكن لمامور الضابطة العدلية القيام قانونيا ثر ختم اعماله باي اجراء اخر تطبيقا للفقرة 3 من الفصل 16 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي يوجب عليه التخلي على القضية بمجرد ما يتولى الاعمال فيها وكيل الجمهورية او مساعده او حاكم التحقيق. ويستند قرار رئيس الجمهورية بانهاء العمل بمناشير التفتيش الصادرة عن الضابطة العدلية خلال طور الابحاث الاولية الى عديد المبررات اولها ان المتهم الذي بقي في حالة فرار يحال محضره على النيابة العمومية حتى اذا ما رات هذه الاخيرة احالته على المحاكمة يستدعى للحضور بالجلسة وفي صورة اصدار حكم ضده يتم السعي لتنفيذه عليه وعند التعذر تصدر الجهة القضائية المختصة بشانه منشور تفتيش بناء على سند قضائي يتمثل في حكم بالسجن او الخطية. كما ان المتهم الذي بقي بحالة فرار يحال محضره من قبل الضابطة العدلية عند تعهدها بصفتها باحث مناب على قاضي التحقيق الذي يمكن له عند ورود نتيجة الانابة عليه اصدار بطاقة جلب ضد من بقي بحالة فرار تكون سندا لترويج منشور تفتيش بشانه. ومن جهة اخرى فان بقية مناشير التفتيش تصدر تحت اشراف هيئات قضائية سواء في اطار ابحاث جارية لدى قاضي التحقيق او في طور المحاكمة /بطاقة جلب/ او في اطار سعي النيابة العمومية لتنفيذ احكام بالسجن اوالخطية وتستجيب لمقتضيات القانون لاستنادها الى اسانيد قضائية. وعموما يترتب عن حصر اصدار مناشير التفتيش في الجهات القضائية بالضرورة ضبط الحالات التي يمكن فيها اصدار مناشير تفتيش وحصرها في الاسانيد القضائية المتمثلة في بطاقة جلب صادرة عن قاضي التحقيق او المحكمة او مضمون حكم بالسجن او قرار في الجبر بالسجن لخلاص خطية. وفي ما يخص قرار رئيس الجمهورية القاضي بضبط التراتيب القانونية والادارية الكفيلة بالافراج حالا عن المفتش عنه لعدم خلاص خطية بمجرد الادلاء بوصل الدفع وتيسير تسوية وضعيته مع تحديد المبلغ الادنى للخطايا التي يمكن ان يصدر بشانها منشور تفتيش تجدر الاشارة الى انه في صورة صدور حكم بالخطية ضد شخص يوجه مضمون الخطية الى القباضة المالية التي يوجد بدائرتها مقر المحكوم عليه للخلاص. و اذا لم يتوصل القابض الى استخلاص معلوم الخطية يوجه الملف الى النيابة العمومية التي تتخذ قرارا في الجبر بالسجن ويتم ترويج منشور تفتيش لتنفيذ الجبر بالسجن عليه من طرف اعوان الضابطة العدلية ويقع في بعض الحالات ايقاف الشخص المفتش عنه تنفيذا لمنشور التفتيش الصادر بناء على حكم بالخطية لم يقع خلاصها وقد يحصل ان يكون مبلغ الخطية زهيدا. فجاء هذا القرار لمعالجة هذه الوضعيات التي تثير عديد الاشكاليات والوضعيات الصعبة وخاصة بمناسبة السفر الى الخارج او دخول تراب الجمهورية /ايقاف عند التقدم لمراقبة الشرطة بالمطارات وايقاف عند الدخول مع العائلة الميناء.../. ويقتضي هذا الاجراء مراجعة المقاييس والاجراءات الجاري بها العمل حالا عند اصدار منشور تفتيش لاستخلاص خطية مالية محكوم بها وتيسير طرق استخلاصها من خلال تخويل دفع الخطية لدى جميع القباضات المالية وعدم تخصيص القباضة المالية التي يوجد بدائرتها مقر المحكوم عليه والترفيع في المبلغ الادني للخطية التي يصدر على اساسه الجبر بالسجن فضلا عن امكانية تقديم المفتش عنه الى النيابة العمومية بمكان الايقاف. أما قرار اعداد مشروع قانون يحدد المدة القصوى للاحتفاظ بالنسبة الى الشخص المفتش عنه بمقتضى بطاقة جلب ويضبط أجل تقديمه للجهة القضائية المعنية مع اقرار الضمانات الكافية للمحتفظ به فإنه يرمي الى التدخل تشريعيا لضبط اجل لتقديم المفتش عنه بمقتضى بطاقة جلب الى الجهة القضائية المعنية مع اقرار الضمانات اللازمة لفائدته على غرار اعلام العائلة والعرض على الفحص الطبي وهى اجراءات تدعم حقوق الانسان وضمانات الفرد باعتبار الايقاف اجراء استثنائيا. وتجدر الملاحظة في هذا الصدد ان القانون اوكل اصدار بطاقات الجلب حسب الحالات إما الى قاضى التحقيق أو إلى المحكمة المتعهدة بالقضية ولم يضبط الفصل 79 من مجلة الاجراءات الجزائية لمأمور الضابطة العدلية اجلا لتقديم المعنى بالامر موضوع بطاقة جلب الى الجهة القضائية التي صدرت عنها هذه البطاقة. كما ان القانون لم يوجب من جهة اخرى اعلام السلطة الصادر عنها هذه البطاقة ولم يسحب احكام الفصل 13 مكرر من مجلة الاجراءات الجزائية المتعلق بضمانات اعلام العائلة والفحص الطبى على المفتش عنهم موضوع بطاقات جلب.
ويهدف التنقيح القانونى القاضي بحذف عقوبة السجن بالنسبة الى بعض المخالفات والاكتفاء بالخطية مع الترفيع في مقدارها الى تلافى اصدار احكام بالسجن فى مخالفات غير خطيرة على المجتمع سيما وقد ثبت ان العقوبات بالسجن قصيرة المدة غير مجدية حسب ما تفيده الدراسات في المادة الجزائية وعلوم الاجرام وما اعتمدته السياسات العقابية الحديثة كما انها لا تساهم فى اصلاح وارتداع المخالفين علما وان عديد التشاريع المقارنة اتخذت هذا المنحى في منظومتها الجزائية. وتنص المجلة الجزائية وبعض النصوص التشريعية الجزائية الاخرى على عقوبات بالسجن للمخالفين يكون اقصاها 15 يوما او خطية مقدارها 60 د وتكون المخالفات في الغالب بسيطة ولا يكون لها وقع اجتماعى كبير كما لا تؤثر على الامن العام ولا تمس منه. ولن يكون حذف عقوبة السجن بصفة مطلقة وسيتم الابقاء على عقوبة السجن بالنسبة لبعض المخالفات الواردة بالمجلة الجزائية وبقوانين خاصة اخرى والتى تتسم بخطورة معينة مثل السكر الواضح واحداث الهرج والتشويش بالطريق العام. ويقتضى قرار رئيس الدولة من جهة اخرى مراجعة المبلغ الادنى للخطايا التي لم تعد تتماشى والظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية ولا تحقق ادنى ردع للمخالفين اذ حدد الفصل 315 من المجلة الجزائية قيمة الخطية في المخالفات ب 4 دنانير و800 مليم كما اقتضى الفصل 53 من نفس المجلة في فقرته العاشرة انه اذا كان العقاب المستوجب هو الخطية فقط فانه يمكن الحط منه الى دينار واحد مهما كانت المحكمة المتعهدة بالقضية. اما بشان قرار تيسير سبل استخلاص الديون المدنية والتجارية من الدائن من خلال مراجعة التشريع المتعلق بطرق التنفيذ فيجدر التاكيد في هذا السياق على ان تنفيذ الاحكام هو عنوان مهابة القضاء فلا جدوى من احكام تصدر ولا تنفذ. وقد افرز التطبيق جملة من الصعوبات التي يعزى البعض منها الى سلوك المحكوم عليهم والاساليب التي يلجئون اليها بما في ذلك تهريب املاكهم واساءة توظيف الضمانات التي وضعها القانون لفائدتهم فيما يعزى البعض الاخر الى التشريع نفسه الذي تمت صياغته في ظروف مغايرة لما اصبح عليه واقع المجتمع اليوم. ويضاف الى ذلك التعقيد وتشتت النصوص التشريعية بما يطرح صعوبات عديدة بالنسبة للدائنين المحكوم لفائدتهم وخاصة منهم المؤسسات والمستثمرين الذين يهدرون وقتا طويلا لتنفيذ الاحكام الصادرة لفائدتهم علاوة على ان طول اجراءات التنفيذ وتعقيدها يمنح الفرصة للمدين لتهريب امواله وبالتالى حرمان الدائن من امكانية التنفيذ. ويهدف التنقيح المنتظر ادخاله على احكام التنفيذ في المادتين المدنية والتجارية الى اضفاء مزيد من الفاعلية والنجاعة على اعمال المتدخلين في التنفيذ وذلك عبر رفع العراقيل التي توءخر توصل المحكوم لفائدته بحقه او تعطل اعمال عدول التنفيذ وغيرهم من المتدخلين في التنفيذ . كما يرمي هذا القرار الى اضفاء مزيد من التناسق على احكام التنفيذ المتفرقة بين المجلات والنصوص القانونية الخاصة. وسيكون النظر في تطوير طرق التنفيذ مناسبة لتعميق التفكير في مزيد احكام القواعد المنظمة للتقاضى في بعض اوجهه ضمانا لسرعة فصل القضايا وسيتم تشريك الجهات المعنية ومختلف الاطراف الفاعلة والمختصين في هذا المجال في اعداد التصورات والافكار والمقترحات مع الاستئناس باحدث التجارب المقاربة التي توفر نجاعة اكبر لطرق التنفيذ مع توفير الضمانات للمتقاضين حتى لا يكون النص الجديد منفصلا عن محيطه وعن تطلعات مستعمليه.