تونس 4 جانفي 2011 (وات) - تتركز المقاربة التنموية التونسية في المجالات الاجتماعية على تأمين مقومات تنمية متوازنة ومتضامنة تكرس تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات والجهات في ظل مناخ اجتماعي مستقر وأمن يشجع على الاستثمار ويجسم التلازم المتين بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي لهذه المقاربة. وقد مكنت هذه المقاربة من الارتقاء بالدخل الفردي للمواطن والتقليص من نسبة الفقر وتوسيع الطبقة الوسطى وتحسين التغطية الصحية والاجتماعية ودعم الإحاطة بالفئات الهشة مما ساهم في الارتقاء بمؤشر التنمية البشرية إلى مستويات ارفع. ودعما لهذا التوجه الذي أثمر مكاسب هامة طالت مختلف القطاعات والشرائح الاجتماعية سيتجه العمل خلال سنة 2011 إلى مزيد تطوير التغطية الصحية والاجتماعية وتوفير مقومات العيش الكريم عبر دعم مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية وتعزيز اندماجها. وتحقيقا لهذه الأهداف ستشهد هذه السنة إيلاء عناية متزايدة بقطاعات محورية كالصحة والضمان الاجتماعي والتغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية والجالية التونسية. ففي المجال الصحي ستتضافر الجهود خلال سنة 2011 لمزيد العناية بمختلف مكونات هذا القطاع لاسيما عبر دعم المجال الوقائي وتعزيز الطب الاستشفائي والاستعجالي والرفع من مستوى خدماته إضافة إلى مواصلة التحكم في النفقات الصحية والعمل على ترشيدها والعناية بالصناعة الدوائية وتعزيز مجال تصدير الخدمات الصحية. وعلى الصعيد الوقائي سيتواصل العمل من أجل تطوير الأنشطة المتعلقة بصحة الأم والطفل وهو ما سيساهم في تجسيم الأهداف المرسومة في البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات" من ناحية وفي تجسيم الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية وذلك من خلال مواصلة أنشطة البرنامج الوطني لسلامة الأم والطفل وتعزيز أقسام التوليد وطب الولدان بالجهات التي سيتم تحديد أولويات التدخل فيها على ضوء النتائج المسجلة للمسح الوطني حول وفيات الأمهات لسنة 2010 . وفي ذات الاتجاه ستشهد السنة الحالية مواصلة تعزيز البرنامج الوطني للتلقيح من خلال إدراج التلقيح ضد المستديمة النزلية "الهيموفيلوس" وباستعمال اللقاح الخماسي ضمانا لجودة اللقاحات إلى جانب إحداث وحدة لبيولوجيا البحث في ميادين التلقيح والادوية البيوجينية في معهد "باستور". كما ستشهد سنة 2011 في مجال مكافحة الأمراض السارية مواصلة الأنشطة المتعلقة برصد الحالة الوبائية ومتابعتها على الصعيدين المحلي والعالمي إضافة إلى متابعة الوضع بالنسبة لانفلونزا الطيور في ظل ما سيظهر في بداية موسم (2010-2011) وكذلك الشأن بالنسبة للجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية التي ظهرت مؤخرا في بعض البلدان. وبالتوازي ستتواصل خلال سنة 2011 أنشطة النهوض بأنماط العيش السليم عبر دعم البرنامج الوطني لمكافحة التدخين والشروع في تنفيذ الخطة الوطنية للوقاية من السمنة والنهوض بنشاط بدني منتظم. وحرصا على مزيد تعزيز مكانة القطاع الصحي والرفع من مردوديته وتثبيت دوره المرجعي ستشهد سنة 2011 مواصلة تنفيذ برنامج تأهيل القطاع الصحي العمومي والذي يهدف بالأساس إلى التحسين المستمر لسلامة الخدمات الصحية وتوفير الموارد الضرورية إضافة إلى تعصير النظام المعلوماتي الصحي وتعزيز المنظمومة الصحية وتطوير جهازها القانوني. أما قطاع الضمان الاجتماعي الذي يحظى بمكانة متميزة ضمن السياسة الاجتماعية للبلاد فإنه سيتعزز باطراد نظرا لمساهمته في دفع التنمية والنهوض بالتشغيل ولكونه آلية للمحافظة على الموارد البشرية وتكريس قيم التضامن والتآزر بين مختلف الفئات والأجيال وتحسين مستوى عيش الأفراد والأسر ودعم أواصر الاستقرار والتماسك الاجتماعي. وعلى هذا المستوى ستتكثف الجهود خلال سنة 2011 بهدف مزيد الارتقاء بنسبة التغطية الاجتماعية والسعي نحو تعميمها حتى لا تبقى أي مهنة خارج نظام الضمان الاجتماعي. وفي هذا الإطار ستتواصل الحملات التحسيسية لحث الفئات المهنية غير المنخرطة على الانخراط بأنظمة الضمان الاجتماعي الراجعة لها بالنظر وإثراء السجل المرجعي بالتنسيق مع المنظمات المهنية والهياكل الإدارية المعنية للترفيع في نسبة التغطية إلى 97 بالمائة في موفى سنة 2011 . ودعما للتوجه الرامي إلى مواصلة العناية بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية سيما المعوقون سيتم العمل خلال الفترة القادمة على تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الخدمات المقدمة للمعوقين وتشجيع الأسرة الطبيعية أو الأسرة البديلة على الاعتناء بالمعوق في وسطه العائلي مع مواصلة إنجاز الخطة الوطنية لتهيئة المحيط لفائدة المعوقين. وفي إطار استكمال توسيع شبكة المراكز النموذجية للتربية المختصة التي تستقطب كل أنواع الإعاقات لتشمل كافة الولايات ستشهد سنة 2011 انطلاق إنجاز مركزين نموذجيين جديدين. وتجسيدا لمتطلبات التنمية الاجتماعية وتكريسا للبعد الوقائي ودعما للأمن الاجتماعي ووقاية المجتمع من ظواهر التفكك الأسري والانحراف والجريمة، ستشهد السنة الحالية توسيع شبكة المؤسسات العاملة في مجال الوقاية والإدماج الاجتماعي حيث سيتم الشروع في بناء مركزين للدفاع والإدماج الاجتماعي بكل من سليانة والمهدية فضلا عن الشروع في بناء مركز ثان للرعاية الاجتماعية للأطفال بسيدي بوزيد. وباعتبار الدور الهام للصحة والسلامة المهنية في حماية العنصر البشري داخل المؤسسة سيتواصل خلال السنة الجارية تنفيذ الخطة الوطنية للوقاية من حوادث الشغل والأمراض المهنية التي ترمي إلى التقليص بنسبة 20 بالمائة من عدد حوادث الشغل في نهاية سنة 2014 وتطوير التشخيص المبكر للأمراض المهنية ومزيد الوقاية منها. كما ستشهد نفس السنة إقرار إجراءات جديدة لتنفيذ الخطة الوطنية وفقا لما تضمنه البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات" من أهداف لا سيما الارتقاء بنسبة تغطية اليد العاملة بمجامع طب الشغل ومصالحه من 51 فاصل 5 حاليا إلى 70 بالمائة في أفق سنة 2014 . وستتجه المجهودات خلال سنة 2011 أيضا لمزيد العناية بكبار السن بالخصوص من خلال دعم مكانتهم داخل الأسرة وفي المجتمع وتثمين خبراتهم وكفاءاتهم من ناحية وتعزيز الخدمات المقدمة لهم داخل أسرهم وبمؤسسات الرعاية والرفع من مستوى العاملين في هذا القطاع من ناحية أخرى. وتكريسا لمبدا ضمان حق التعلم للجميع مدى الحياة وتجذير عقلية الإقبال على العلم والمعرفة لدى مختلف الأفراد سيتواصل تفعيل كل مكونات البرنامج الوطني لتعليم الكبار للوصول بنسبة الأمية إلى أقل من 14 بالمائة في أفق سنة 2014 مع استهداف الفئات والجهات التي لا زالت تتميز بنسب أمية أعلى من المعدل الوطني مع العمل على النزول بنسبة الأمية لدى الشريحة السكانية بين 15 و59 سنة من 10 بالمائة سنة 2010 الى 7 بالمائة في أفق سنة 2014 ومواصلة القضاء على الجيوب المتبقية من الأمية لدى الشباب دون 30 سنة مع نهاية نفس السنة. أما على مستوى الجالية التونسية فسيتواصل العمل على تطوير المنظومة المعتمدة للإحاطة بها وتعزيز تكاملها وذلك بتطوير البرامج والآليات لتأخذ في عين الاعتبار التحولات والمتغيرات التي طرأت على مختلف شرائح الجالية. وسيتم في هذا الصدد إنجاز دراسة للغرض وذلك وفقا لما جاء بالبرنامج الرئاسي للخماسية القادمة. كما سيتواصل تحيين سجل الكفاءات الذي أصبح إلى غاية ماي 2010 يضم 8343 كفاءة تنشط في مختلف المجالات مع التفكير في إرساء شبكات فاعلة لتيسير التواصل والتعامل بين الكفاءات في ما بينها من جهة وتعزيز التواصل والمساهمة في المجهود التنموي في بلد المنشأ من جهة أخرى. وفي إطار العناية الخاصة التي يحظى بها شباب الهجرة والحرص المتواصل على الارتقاء بالحوار معه في رسم ملامح الخطط التنموية بالبلاد واستدامة التواصل مع بلد الإقامة وتزامنا مع إقرار السنة الدولية للشباب سيتواصل العمل على تكثيف الإحاطة بالأجيال الجديدة للهجرة تجذيرا لهويتها الوطنية ودعما لتعلقها بالانتماء إلى تونس وحفاظا على التواصل معها عبر تطوير البرامج الموجهة للأجيال الجديدة مواكبة لطموحاتها وتطلعاتها وثقافتها المزدوجة سيما من خلال مواصلة تنفيذ برنامج تدريس اللغة العربية في العطلة الصيفية الى جانب تنظيم الجامعة الصيفية بمعهد بورقيبة للغات الحية بهدف تمكين الطلبة المقيمين بالخارج من الاحتكاك بنظرائهم في تونس. وإيمانا بدور النسيج الجمعياتي للتونسيين بالخارج وخاصة الجمعيات النسائية والشبابية في مجابهة الظواهر الاجتماعية السلبية وضمان الاندماج الايجابي لا سيما في ظل المتغيرات التي تشهدها بلدان الإقامة ستتميز سنة 2011 بمواصلة العمل على تفعيل دور العمل الجمعياتي وتعزيز قدرة الجمعيات التي بلغ عددها 595 إلى موفى جوان 2010 على التنظم والإشعاع لتكون إطارا مناسبا وفاعلا للتعرف على أوضاع الجالية واقتراح آليات التدخل المناسب والسريع لفائدتها.