* بذل المزيد من الجهد لدعم القضاء العادل والناجز الذى يواكب المستجدات والتقنيات الحديثة قرطاج 3 أوت 2009 (وات) ألقى الرئيس زين العابدين بن علي لدى إشرافه يوم الاثنين على أشغال الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى للقضاء كلمة في ما يلي نصها : "بسم الله الرحمان الرحيم السادة والسيدات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء يسعدني أن أجدد لقائي بكم في هذا الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى للقضاء تأكيدا لما نوليه للقضاء من مكانة متميزة اعتبارا لنبل رسالته ولدوره في إقامة العدل بين المواطنين وحماية حقوقهم وضمان حرياتهم. وأعبر بهذه المناسبة عن شكري وتقديري لأعضاء الأسرة القضائية الموسعة من قضاة ومحامين واطارات وكتبة محاكم واطارات واعوان السجون والاصلاح وعدول التنفيذ وعدول الاشهاد وسائر مساعدي القضاء للدور الذى يضطلعون به لإيصال الحقوق الى اصحابها في افضل الظروف وبأيسر السبل ولحرصهم على حسن تطبيق القانون على اساس المساواة بين المواطنين كما نص على ذلك الدستور. وإذ اسجل بارتياح ما ابرزته المؤشرات المتعلقة بنشاط المحاكم خلال السنة القضائية الحالية من تطور في نسق فصل القضايا ومن حرص على تحديث اساليب العمل فإني أدعو السادة القضاة الى بذل المزيد من الجهد في المجال لدعم القضاء العادل والناجز الذى يواكب المستجدات والتقنيات الحديثة ويذكي روح الاجتهاد التي عرفت بها على الدوام المدرسة القضائية والقانونية التونسية. ويتزامن انعقاد المجلس الاعلى للقضاء مع احتفالاتنا الوطنية هذه السنة بالذكرى الخمسين لاصدار الدستور الذى شكل علامة مضيئة في تاريخ تونس المعاصر باعتباره رمز السيادة الوطنية وخلاصة ما استقر عليه نضال الشعب التونسي واختياراته. وإذ نكبر الدور المحمود الذي يضطلع به القضاة لتعزيز اركان النظام الجمهورى فاننا نكبر ايضا حرصهم الدؤوب على مواكبة مسيرة التطوير والتحديث وإثراء فقه القضاء والتعريف برصيدنا التشريعي في المحافل الوطنية والدولية. وقد جعلنا من تأمين حريات الأفراد وضمان حقوقهم خيارا جوهريا دائما في سياستنا. وبادرنا هذه السنة بإصدار قانون يوفر مزيدا من الحماية لفائدة الأشخاص الموقوفين تحفظيا وينص على سحب الآجال المقررة قانونا للغرض على مرحلة التحقيق بدرجتيها ويترتب عن تجاوز هذه الآجال الإفراج حتما عن ذي الشبهة ومثوله امام المحكمة بحالة سراح ضمانا لحريته الشخصية. ولما كانت الغاية الأساسية من التتبعات الجزائية هي توفير ظروف اعادة ادماج من زلت بهم القدم فقد وضع هذا القانون ايضا آليات تيسر إعادة الادماج وتساعد على الحد من ظاهرة العود لا سيما من خلال التخلي عن التنصيص ضمن بطاقة السوابق العدلية على العقوبات المالية والبدنية للمحكوم عليهم لأول مرة في الجرائم غير الخطيرة وكذلك من خلال تيسير شروط استرداد الحقوق بالتخفيض في آجال فترة الاختبار التي تم النزول بها الى النصف. ويقتضي التطبيق الناجع لهذه الاصلاحات الاسراع باتمام المنظومة الاعلامية التي اذنا بها للحصول على بطاقة السوابق العدلية بصفة حينية بما يسهل على المواطن قضاء شؤونه المتصلة بها لا سيما فيما يتعلق بطلب الشغل ويجنب ايضا المحاكم تاجيل النظر في القضايا الجزائية في انتظار الحصول على هذه البطاقات. وتاكيدا لما نوليه من اهمية لحماية المعطيات الشخصية وتجسيما للنصوص التي أذنا بإصدارها في هذا المجال فاننا نبارك انطلاق النشاط الفعلي للهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ونأمل في ان تسهم في تحقيق الاغراض التي بعثت من اجلها والمتمثلة اساسا في توفير المزيد من الضمانات لحماية الحياة الخاصة للافراد ومعطياتهم الشخصية. وحرصا منا على مزيد الاحاطة بالاشخاص الحاملين لاعاقة عضوية فقد بادرنا هذه السنة بإصدار قانون يتعلق بتيسير التعامل مع هذه الفئة من المجتمع وتبسيط الاجراءات المقررة لها في ما يتعلق بمحتوى العقود والتعريف بإمضاء المتعاقدين وذلك دون إخلال بمقتضيات الحماية القانونية المستوجبة لجميع الاطراف المتعاقدة. لقد سعينا دوما الى تطوير المنظومة القضائية في اطار مقاربة شاملة تقوم على تقريب القضاء من المتقاضين وتحسين ظروف العمل بالمحاكم ودعم حق التقاضي وتوفير الضمانات للمتقاضين. وعملنا في هذا السياق على الغاء معاليم النشر والترافع تجسيما لمبدأ مجانية التقاضي. كما عملنا على تكريس مبدأ التقاضي على درجتين في المواد المدنية والجزائية وكذلك الادارية. وتواصلا مع هذا التوجه تولينا في الايام الاخيرة عرض مشروع قانون على السلطة التشريعية يقر حق الطعن بالاستئناف في أحكام التحيين الصادرة عن المحكمة العقارية لتوفير مزيد من الضمانات للمواطنين اعتبارا لما يقتضيه حق الملكية من حماية. كما سجلنا هذه السنة انطلاق نشاط ثلاث محاكم ابتدائية ثانية بكل من تونس وصفاقس وسوسة مما اسهم في تخفيف الأعباء عن المحاكم المتفرعة عنها وتحسين الخدمات المسداة للمواطنين. وفي اطار حرصنا على مزيد دعم هذا التوجه ناذن بان يتم الشروع ابتداءا من السنة القضائية المقبلة في تعميم احداث الدوائر الجنائية الابتدائية بصفة تدريجية وحسب معايير مضبوطة واحصائيات مدققة وذلك بكل المحاكم الابتدائية التي يبرر النشاط القضائي فيها مثل هذا الاحداث. وهكذا نكون قد وفرنا الاطار الملائم لمزيد تقريب القضاء من المواطن وتيسير اللجوء الى المحاكم وهو ما يستدعي من القضاة مواصلة الحرص على حسم القضايا في اسرع وقت دون المساس بالضمانات الممنوحة لكل اطراف النزاع. ولا يخفي ان هناك العديد من القضايا التي يؤدى طول الحسم فيها الى صعوبات في التنفيذ مما يحد احيانا من مفعول الحكم في الواقع. فاللجوء الى القضاء لا يهدف فقط الى التصريح بالحق بل يهدف بالاساس الى استرجاع المواطن لحقه او مباشرته له بصفة فعلية وفي اجل معقول. حضرات السادة والسيدات إن التخصص في العمل القضائي يحقق اضافة نوعية لفائدة المتقاضين لا سيما بما احدثناه في السنوات الاخيرة من خطط كقاضي الاسرة وقاضي الاطفال وقاضي الجباية وقاضي الشغل وقاضي الضمان الاجتماعي. وما شروع قضاة الائتمان والتصفية في مباشرة نشاطهم مع مستهل السنة القضائية المقبلة الا حرص متواصل منا على ارساء قضاء متخصص في مجالات على غاية من الدقة والتشعب لعلاقاتها بادارة الاملاك والشركات وتصفيتها وما يقتضيه ذلك من عناية متميزة ومراقبة دقيقة وخبرة ثابتة لتأمين حسن التصرف فيها تفاديا لاهدار حقوق مختلف الاطراف في عمليات ائتمان وتصفية غالبا ما تطول مدتها وتثقل تكلفتها ويتضرر منها جميع المستحقين. وحرصا منا على توفير افضل ظروف العمل امام القضاة فقد اذنا باتخاذ عديد المبادرات والاجراءات لتحسين اوضاعهم المادية والمعنوية والاجتماعية. ونوصي اليوم بعد ان تم الشروع خلال السنة القضائية الحالية في استغلال المقر الجديد لتعاونية القضاة بالاسراع باتمام تهيئة نادى القضاة الذى اذنا برصد الاعتمادات اللازمة لانجازه ليصبح فضاء ملائما للقضاة وعائلاتهم طبقا لما يتطلبه ذلك من مراعاة للوظيفة القضائية وخصوصياتها. السادة والسيدات اعضاء المجلس الاعلى للقضاء أجدد لكم ولسائر افراد الاسرة القضائية شكرى وتقديرى للاعمال القيمة التي تقومون بها وللجهود المحمودة التي تبذلونها في سبيل اداء رسالتكم النبيلة على احسن وجه راجيا لكم جميعا مزيد النجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."