الحكم عامر شوشان يدير لقاء النادي الصفاقسي والترجي التونسي    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    السفير التونسي الأسبق بأندونيسا في ذمة الله    إنتقالات: نهاية مشوار "راضي الجعايدي" مع سيركل بروج البلجيكي    وفاة 23 حاجا تونسيا بالبقاع المقدسة    وفاة الإعلامي والناقد السينمائي خميّس الخياطي    تاجروين:وفاة شابين على متن دراجة نارية    بنزرت: حريق يأتي على حوالي 4 هكتارات من الحبوب    بعد فقدان ووفاة عدد من الحجيج التونسيين/ القمودي: سنسائل بصفة عاجلة كل المعنيين..    الحجاج يختتمون الفريضة برمي الجمرات وطواف الوداع    إطلاق حملة للتعريف بإستراتيجية مكافحة التطرف و الإرهاب    عاجل/ "الفيفا" يوقف هذا اللاعب عن النشاط لمدة ستة أشهر..    إنطلاق الموسم الرياضي الجديد وموعد سوق الإنتقالات    مواطنون يشتكون من '' الوضعية المزرية '' لقطار تونس بنزرت    مانشستر سيتي يبدأ دفاعه عن لقب البطولة الإنقليزية في ملعب تشيلسي    دعما للنمو: ضخ 330 مليون دينار لدعم تدويل المؤسسات في الفضاء المغاربي    احذروا منه.. زر في ريموت المكيّف يضاعف فاتورة الكهرباء!    رئيس البعثة الصحية يؤكد التعهد بالمرضى وحالات الضياع لكل الحجيج التونسيين حتى من خارج المنظومة    حوادث: 6 حالات وفاة خلال 24 ساعة..    إصلاح الأعطاب و إرجاع التيار الكهربائي إلى هذه المنطقة    خطير/ 3 حرائق في يوم واحد بهذه الولاية..    الرابطة الأولى: ملعبا الشاذلي زويتن وأولمبي سوسة يحتضنان ملحقي تفادي النزول والصعود    باجة : الحماية المدنية تتولى إخماد ثلاث حرائق بأراض فلاحية    9 ضحايا في حريق الع في مستشفى بإيران    ضربات شمس و إرهاق خلال الحج ..البعثة الصحية توضح    حالات وفاة وضياع في صفوف "الحجيج".. حاج تونسي يُوضّح..#خبر_عاجل    جندوبة: اندلاع حريق في ضيعة فلاحية..    تصريح أثار جدلاً.. بسام كوسا يسخر من فيديو فاضح لممثلة سورية    إصدار أغنية جديدة : ريمكس عربي لأغنية Attraction ل Ramy Sabry و ETOLUBOV    عاجل/ تفاصيل جديدة عن وفاة "الأنستغراموز" فرح بالقاضي..    أبرز ما ورد في الصحف التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء 18 جوان 2024    تفاديا للكثافة المروريّة بالمدخل الجنوبي للعاصمة.. وزارة الداخلية توضح    %60 نسبة سداد الدين الخارجي.. تونس توفي بالتزاماتها تجاه الدائنين    وزارة الصحة: بوابة إيفاكس ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    توصيات وزارة الصحة لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة    وزارة الصحة: بوابة 'إيفاكس' ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    هذا آخر ما قالته "الاستغراموز" فرح بالقاضي قبل وفاتها..    منها الأولوية.. 8 عادات تميز المرأة القوية عقلياً ونفسياً    تونس : أنس جابر تغيب عن دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024    مقتل 10 مهاجرين بعد غرق قارب في البحر المتوسط    شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال الصهيوني لمخيم "النصيرات" وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    علقوا مقلوبين بالهواء: لحظات تحبس الأنفاس بمدينة ملاهٍ أردنية    طقس الثلاثاء: درجات الحرارة تتراوح بين 34 و45 درجة مع ظهور الشهيلي    اليابان: تصاعد الدخان من محطة فوكوشيما النووية    الاتحاد الفرنسي: مبابي يعاني من كسر في أنفه وسيرتدي قناعا    حقيقة وفاة الداعية المصري الشهير عمر عبد الكافي    عدنان الشواشي : المنوّعات صنعت في وقت قياسيّ وغفلة ذوقيّة فيالق من أشباه "النّجوم" و"النّجيمات"    بلاغ مروري بمناسبة إنتهاء عطلة عيد الأضحى    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة الى غاية يوم 14 جوان 2024    الفيلم التونسي "المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون آخر مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم جني الترفاس (الكمأة) في الجنوب الشرقي: ثمرة متخفية ومراوغة تتطلب فراسة أبناء البادية
نشر في وات يوم 02 - 04 - 2011

بن قردان 2 أفريل 2011 (تحرير ضحى طليق) ­ يعد أكل ثمرة الترفاس (الكمأة) وهو من الثمار النبيلة بكل المقاييس من الأشياء الممتعة وذلك لمذاقه المتميز فضلا عما يختزنه من خصائص غذائية نافعة جدا، إلا ان جني هذه الثمرة التي تنتشر خاصة في الأحراش الممتدة ببادية الجنوب الشرقي التونسي على تخوم الصحراء يعد أمتع من أكله وهو أمر لا يدركه إلا سكان هذه المناطق، أو من جرب هذه العملية.
ويصادف هذه الأيام موسم جني هذه الثمرة التي تزدهر بعد أمطار ديسمبر، ويتواصل جمعها من بدايات شهر فيفري إلى أواخر شهر أفريل، وكلما كان موسم أمطار الشتاء جيدا كانت الصابة من هذه الثمرة التي يتراوح سعر الكلغ منها بين 10 دنانير و25 دينارا وذلك حسب النوعية واللون، وفيرة.
وقد لاحت أولى علامات وفرة مادة الترفاس خلال هذا الموسم عبر عشرات الأطفال الذين انتشروا على أطراف الطريق الفاصلة بين بن قردان ورأس جدير وهم يلوحون بأكياس ملأى بهذه الثمرة ويعرضونها على أصحاب السيارات المارة خاصة من الليبيين.
والترفاس نبات فطري، يشبه في شكله وأحجامه ولونه البطاطا، ولا جذر له ولا ساق وينمو مطمورا في التربة في الأراضي المنبسطة التي تتجمع فيها المياه وتتكاثر فيها الأعشاب والشجيرات الصحراوية (مثل التقوفت، والقرضاب والقزاح) وعندما تنضج الثمرة تتفتق الأرض معلنة عن وجودها.
تحوي حبة الترفاس 20 بالمائة من البروتينات و12 بالمائة من المواد النشوية و1 بالمائة من الدهون، وثلاثة أرباعه (75 بالمائة) من الماء. كما تحوي معادن مشابهة لتلك التي يحتويها جسم الإنسان مثل الفوسفور، والصوديوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم.
كما تحوي فيتامين "س" وهي غنية بالفيتامين "ب"، إلى جانب كميات من النيتروجين والكربون، والأكسجين، والهيدروجين، وهو ما يجعل تركيبة الترفاس شبيهة بتركيبة اللحم. وطعمه مطبوخا يشبه طعم كلى الضأن، أضف إلى ذلك رائحته المحببة وطعمه الشهي، خاصة المشوي مما يغري الكثيرين بالإقبال عليه مهما غلا الثمن وارتفع.
ومع لذة طعمه فانه يتطلب الحذر حين أكله لأنه يحتاج حرصا شديدا في تنظيفه من الرمال والأتربة وكثرة أكله قد تسبب بعض المتاعب والأوجاع لأنه عسير الهضم، ويعد جمع الترفاس وبيعه خاصة لليبيين الذين يقبلون عليه بأعداد كبيرة مصدر رزق موسمي لعديد العائلات بالجنوب الشرقي التونسي في جزئه المتاخم للصحراء، وقد ازداد إقبال الكثيرين من سكان بن قردان عليه هذه السنة، في ظل ما تشهده المنطقة من ركود تجاري بسبب تردي الأوضاع الأمنية الذي تلا الثورة وكذلك جراء الأحداث التي تعيشها ليبيا المجاورة.
وتمثل منطقة "جميلة" التي تبعد حوالي 15 كيلومترا جنوب غرب قرية الزكرة على الطريق بين مدينة بن قردان ورأس جدير "مجنى" خصبا لهذه الثمرة تقصده العائلات للتمتع بالنزهة في البراري والتمتع بالهواء النقي. هذا الموقع كان خلال الأيام الماضية يعج برواد من أجيال شتى سيما أن الفترة تصادف عطلة الربيع.
جني الترفاس لا يتطلب أدوات أو وسائل معقدة، فالعدة لا تزيد عن غطاء للرأس يقي من حرارة الشمس، وأكياس بلاستيكية توضع فيها الثمار وملعقة لإزاحة التراب عن الفطر، وذلك إلى جانب الماء والأكل وعدة طبخ الشاي. وعملية الجني لمن يمثل الترفاس بالنسبة إليه مصدرا للرزق يستمر طوال النهار.
تقول نجاة إحدى محترفات جني الترفاس وابتسامة لا تفارقها "أقضي كامل اليوم هنا في "جميلة"، كنت في الماضي أنا ورفيقاتي من نساء القرية نستقل حافلة السابعة صباحا التي تربط بين بن قردان ورأس جدير، إلا أنها وضعت ضمن الأسطول المخصص لنقل اللاجئين فاضطررنا لكراء سيارة نقل ريفي توصلنا يوميا في الصباح وتعود إلينا مع مغيب الشمس" مضيفة أن أبناءها يتولون في اليوم الموالي بيع ما رزقها به الله لمساعدة زوجها خاصة في ما يتعلق بتجهيز ابنتها التي تنوي الزواج خلال هذا الصيف.
وإذا كان جني الترفاس لا يتطلب أدوات معقدة فإن ذلك لا يعني سهولة العثور عليه سيما بالنسبة لمن هو ليس من اهل البادية، فإلى جانب دقة النظر لا بد أن يتمتع الشخص بفراسة من ألفوا الصحراء وتضاريسها. تؤكد زينب أصيلة هذه المنطقة، وتدرس في إحدى جامعات سوسة بنبرة فيها الكثير من الفخر بالانتماء إلى هذه الربوع "اعشق جمع الترفاس، واحرص على العودة كل عطلة ربيع للاستمتاع بالخروج إلى البراري وممارسة هذه الهواية، أما في ما يتعلق بكيفية التعرف على علامة وجود الثمرة ، فلا بد من تدقيق النظر لاكتشاف "البند" وهو المكان البارز والمتشقق من الأرض ، كما يجب توخي الحذر عند إزالة التراب عن الثمرة فهي بغاية الحساسية وسريعة التفتت".
وتتدخل هنا هدى ابنة عم زينب بالقول "ما نجنيه من جمع الترفاس يساعدنا في شراء ما نحتاجه سواء من أدوات ولوازم مدرسية أو من ألبسة وغيرها، وهكذا لا نثقل كاهل أوليائنا بطلباتنا".
أما سعاد والدة زينب فتؤكد ان جني الترفاس يتطلب الكثير من الصبر والمعاناة "فالشخص يقضي الساعات الطوال وهو شبه منحن بحثا عن ضالته، وإذا لم يحظ بثمرة منذ اول وهلة فعليه مواصلة البحث بلا كلل، وأفضل أوقات العثور على الثمرة، هي إما عند الصباح أي قبل أن ترتفع الشمس حتى لا تغشي أشعتها البصر، وكذلك بعد العصر، وأيضا عندما تكون السماء مغشاة ببعض الغيوم البيضاء".
هذه المعطيات لمسناها على ارض الواقع، فما ان شارف النهار على الانتصاف حتى توقف الكل عن البحث وانقسمت النساء والفتيات إلى مجموعات، بعضهن احتمين بظلال النخيل لتناول الغداء وأخريات بدأن في جمع بعض الأعشاب الجافة وإشعالها لطبخ الشاي. وبطبيعة الحال لن يستطيع أي شخص متواجد بالمكان من أن يفلت من دعوات كريمة لتقاسم الشاي والأكل معها.
وتسمي العرب الكمأة نبات أو بنت الرعد لأنها تكثر بكثرته خاصة بعد أمطار الشتاء وأمطار شهر مارس المصحوبة بالرعود. أما محاولات زراعتها بتدخل الإنسان في ذلك، فقد باءت جميعها حتى الآن بالفشل.
وتوصل الباحثون بمعهد المناطق القاحلة بمدنين منذ بدء عملهم حول هذه الثمرة الصحراوية المنتشرة بالجنوب الشرقي للبلاد التونسية وتعتبر من أجود أنواعه وأفضلها استهلاكا سنة 2003 الى التعرف على مكونات الكمأة وعلى خصوصيات النباتات المضيفة لها وهي عادة "الارقة" أو "الشيح" وأحيانا نبتة أخرى تعرف محليا ب"الشعال".
وإضافة إلى الأكل يستعمل الترفاس لعلاج هشاشة الأظافر وسرعة تكسرها أو تقصفها وتشقق الشفتين واضطراب الرؤية، وفي علاج الرمد الحبيبي "تراكوم". وقد وقفنا خلال رحلتنا بحثا عن هذه الثمرة المتخفية والمراوغة على خصائص أخرى للترفاس لا تقل قيمة صحية. فبعد قضاء يوم من البحث يتفطن الإنسان إلى انه قضى ساعات وهو يمارس رياضة المشي فضلا عن حركات الانحناء ثم الوقوف المتكررة، رياضة في أحضان الطبيعة مع استنشاق الهواء النقي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.