تونس 8 اكتوبر 2009 (وات) تعد تونس من البلدان القلائل فى البحر الابيض المتوسط التى خاضت تجربة العمل بنظام الراحة البيولوجية والتى خصصت صندوقا لتمويلها الى جانب الاتحاد الاوروبي الذى اسند مساعدات تعويضية للراحة البيولوجية لفترات قصيرة لا تتعدى شهرا. كما تنفرد تونس من بين البلدان المتوسطية باقرار نظام للراحة البيولوجية يمتد على ثلاثة اشهر. وياتى هذا النظام لتلافى نسق تراجع انتاج الثروة السمكية وحتى تستعيد المخزونات السمكية توازنها وذلك على اثر بروز موءثرات الصيد الجائر منذ نهاية الثمانينات حيث بينت عمليات تقييم الثروة السمكية التى انجزها العهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار /1996-2002 ان حالة المخزون بلغت درجة الافراط وان مجهود الصيد القاعي فاق طاقات الاستغلال القصوى بما يزيد عن 30 بالمائة وخاصة بالمنطقة الجنوبية . وقد تقلصت مساهمة انتاج الاسماك القاعية بمنطقة خليج قابس فى الانتاج الوطني من 5ر43 بالمائة سنة 1990 الى 8ر31 بالمائة سنة 2000 ثم الى 23ر21 بالمائة سنة 2008 وتم التركيز ضمن المخططات القطاعية للعشرية الاخيرة على اقرار جملة من الاجراءات للمحافظة على الموارد السمكية من خلال دعم البحث العلمي والقيام بالبحوث المخبرية والفنية الكفيلة بتوفير معلومات ضافية حول وضع المخزونات السمكية وتوزيعها الجغرافى الى جانب اجراءات ذات صبغة تنظيمية وترتيبية وتحسيسية . كما اقرت الدولة اجراءات ذات صبغة وقائية شملت وضع حوالي 7 الاف حاجز اصطناعي فى مناطق بحرية حساسة بمنطقة خليج قابس بهدف اعاقة عمل وحدات الصيد فى المعاشب البحرية ولتكون ملاذا لتكاثر الاسماك ونموها. وقد تم الشروع فى العمل بنظام الراحة البيولوجية منذ سنة 2006 على امتداد فترة قوامها شهر ونصف /من 15 جويلية الى 31 اوت/ يحجر فيها ممارسة الصيد بالجر فى كامل المنطقة البحرية الواقعة جنوب الموازى المار عبر راس كبودية. وقد افرزت عمليات تقييم هذه التجربة انخراطا ايجابيا لمجهزى اسطول الصيد بالجر مع هذا الاجراء وبرزت فوائده وخاصة على مستوى طاقات التكاثر والتجدد للمخزونات السمكية . وتعزيزا للمنظومة الحمائية للثروة السمكية من الاستنزاف الذى بات يهددها وضمان ديمومتها للاجيال القادمة وتحسين مردودية نشاط الصيد البحرى اقر الرئيس زين العابدين بن على خلال مجلس وزارى فى 19 ديسمبر 2008 بالتمديد فى نظام الراحة البيولوجية فى قطاع الصيد البحرى واحداث صندوق لتمويلها. ويهدف نظام الراحة البيولوجية الجديد الذى يمتد على فترة يمكن ان تصل الى 3 اشهر قابلة للتجديد الى تمكين صغار الاسماك من التكاثر والازدياد باعتبار ان الاسماك الصغيرة تمتلك قدرة اكبر للنمو بالمقارنة مع الاسماك الاكثر حجما وحفظ وصيانة فحول الاسماك نظرا الى ان فترة بيض هذه الفحول تتزامن مع فترة الراحة البيولوجية والتخفيض فى مجهود الصيد بالجر فى المنطقة ذات كثافة الاستغلال. وتشمل المناطق المعنية بنظام الراحة البيولوجية المناطق المهددة بكثافة الاستغلال او بتقلص ثرواتها البحرية . وقد تقرر الشروع بالعمل بنظام الراحة البيولوجية فى منطقة خليج قابس باعتبارها احد المحاضن المعروفة لعديد الاصناف السمكية. ويتم تمويل نظام الراحة البيولوجية عن طريق صندوق تنمية القدرة التنافسية فى قطاع الفلاحة والصيد البحرى الذى يساهم فيه العاملون فى قطاع الصيد البحرى من خلال توظيف نسبة 1 بالمائة على رقم المعاملات عند البيع المحلي ويحمل المعلوم على المنتج ونسبة 2 بالمائة من القيمة لدى الديوانة عند التصدير. وبالنسبة لموسم 2009 فقد انطلق العمل بهذا النظام من غرة جويلية الى 30 سبتمبر الماضي. وقد بلغ عدد المراكب المشاركة في نظام الراحة البيولوجية للموسم الحالي نحو 171 مركب صيد بالجر حيث توقفت هذه المراكب عن النشاط نهائيا خلال فترة الراحة البيولوجية منها 167 مركبا ترتفق بميناء الصيد البحرى بصفاقس ومركبين بميناء الشابة ومركبين بميناء جرجيس في حين انتقل عدد اخر من المراكب للعمل خارج منطقة خليج قابس. كما بلغ عدد البحارة المنتفعين بالمساعدات المالية للراحة البيولوجية 1765 بحارا . وبلغت هذه الاعتمادات حوالي 5ر2 مليون دينار تم صرف القسط الاول منها فى حين سيتم صرف القسط الثانى قريبا. ويتم توزيع هذه المساعدات بالاعتماد على مقاييس محددة تاخذ فى الاعتبار على وجه الخصوص معدل ايام الابحار لمراكب الصيد بالجر خلال الثلاث سنوات الاخيرة وخطط الصيادين البحريين العاملين على متنها. وقد توقفت جل مراكب الصيد بالجر وفق مقتضيات النصوص التشريعية والترتيبية الصادرة في الغرض المرتفقة بموانيء خليج قابس عن النشاط نهائيا خلال الفترة المعنية وانتقل 25 مراكبا للعمل خارج منطقة خليج قابس. ولم يسجل ارتكاب مخالفات لمراكب الصيد بالجر فى حق التراتيب المنظمة للراحة البيولوجية على امتداد الفترة المحددة بما يقيم الدليل على سرعة تجاوب المعنيين من بحارة ومجهزين مع هذا النظام الذى اثبت نجاعته. وسجل المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار اثر السرحة التقييمية التي قام بها خلال شهر سبتمبر 2009 قبل انتهاء فترة الراحة البيولوجية في منطقة خليج قابس تزايد كميات الاصناف المصطادة خلال شهر سبتمبر لتكون بمعدل 109 كغ في الساعة الواحدة مقابل 3ر41 كغ خلال نفس الفترة من سنة 2008 وذلك في الاعماق التى تفوق 40 مترا الى جانب تزايد كميات الاسماك والشوابي التي لم تبلغ بعد النضج الجنسي في مختلف الاعماق وهو ما يمثل موءشرا ايجابيا يدل على تحسن على مستوى تجدد المخزونات السمكية. واكد المعهد انه رغم هذه الموءشرات الايجابية فانه من الضرورى اتاحة الفرصة للاصناف السمكية التي لم تبلغ نضجها بعد بالنمو كي تكون أحجامها في مستوى المقاسات القانونية وذلك باستعمال وسائل صيد انتقائية. وحسب تقييمات هذا النظام فقد سجلت رغبة كافة الاطراف الادارية والمهنية المعنية نحو مواصلة العمل بهذا النظام الجديد من اجل بلوغ الاهداف المرسومة فى مجال تحسين وضع المخزونات السمكية وتحسين ظروف العاملين فى قطاع الصيد البحرى. ويستدعى تواصل الاداء الجيد لمنظومة الراحة البيولوجية ضمن محاور المخطط الحادى عشر للتنمية /2007-2011/ ارساء منظومة متكاملة ترمي الى مزيد التعرف على الوسائل اللازمة لانجاح الراحة البيولوجية عن طريق متابعة برامج البحث العلمي ودعم الجهود نحو تطوير نشاط تربية الاسماك لتقليل الضغط على المصائد الطبيعية وترشيد استغلالها ومواصلة الجهود لحماية الثروات السمكية من الصيد العشوائي.