أحالت النيابة العامة 11 شخصًا على قاضي التحقيق، اليوم الثلاثاء، بتهم القتل غير العمد في قضية محسن فكري، بائع السمك المغربي الذي قضى سحقًا داخل شاحنة نفايات ما أثار غضبًا وتظاهرات في البلاد. قتل فكري البالغ حوالي 30 عامًا مساء الجمعة في الحسيمة (شمال) بمنطقة الريف عندما علق في مطحنة شاحنة لنقل النفايات بينما كان يحاول على ما يبدو إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة، من سمك أبو سيف المحظور صيده في المغرب في هذه الفترة من السنة. وأثارت الظروف المروعة لمقتل فكري موجة غضب عارمة في مدينة الحسيمة حيث خرج الآلاف في تظاهرات، فيما شهدت مدن أخرى تجمعات أصغر حجمًا. وسارع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى إصدار تعليمات «لإجراء بحث دقيق ومعمق ومتابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث، مع التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع». وبحسب بيان صادر اليوم عن الوكيل العام للملك في الحسيمة فقد أحيل 11 شخصًا إلى قاضي تحقيق بتهمتي «تزوير أوراق رسمية والقتل غير العمد» إثر مقتل فكري. وأوضح أن المحالين «اثنان من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري»، بحسب البيان الذي نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية. وأعلنت النيابة العامة في بيان ثان عن إبقاء هؤلاء الخمسة موقوفين على ذمة التحقيق إضافة إلى ثلاثة عاملين في شركة جمع النفايات. وحققت النيابة العامة قبل إحالة هؤلاء الأشخاص إلى قاضي التحقيق، مع عشرين شخصًا، بحسب البيان، وأجرت «معاينات ومواجهات استغرقت كامل الوقت المخصص قانونًا للحراسة النظرية (72 ساعة بعد التمديد)». وقال البيان إن «النيابة العامة، من خلال دراستها لتفاصيل الأحداث وتصريحات الأطراف، رجحت كون الأفعال المرتكبة تكتسي طابع القتل غير العمدي»، مشيرًا إلى أن القضاء «سينظر في القضية» و«يقرر ما يراه ملائمًا بشأنها». وحسب معطيات التحقيق الواردة في البيان، اشترى فكري «من بعض الصيادين بميناء الحسيمة حوالي نصف طن من سمك أبوسيف (أسبادون)، المحظور صيده خلال الفترة الممتدة من فاتح أكتوبر إلى 30 نوفمبر من كل سنة بمقتضى قرار وزير الصيد البحري». وكلف فكري، حسب المصدر نفسه، أحد الأشخاص ب«نقل هذه الأسماك على متن سيارة نقل لم تخضع للمراقبة عند مغادرة الميناء، الأمر الذي دفع عنصر الأمن المداوم هناك إلى تبليغ مصالح الأمن المعنية»، وتم توقيف السيارة على إحدى جادات المدينة وحجز الأسماك العائدة لمحسن فكري على ما أوضحت الوكالة المغربية. وبحسب وكيل الملك، إن «الطبيب البيطري أفاد بعدم صلاحية الأسماك للاستهلاك لعدم التوفر على وثائق تثبت مصدرها مما يقتضي إتلافها». وقبل إتلاف الأسماك، طلب أحد المسؤولين عن شاحنة النفايات «الحصول على أمر بالإتلاف قبل نقل كمية السمك المحجوزة»، ما دفع لجنة مكونة من مندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة المحلية إلى «تحرير محضر بإتلاف السمك»، ما اعتبرته النيابة العامة «جناية تزوير في أوراق رسمية». ومع بدء عملية الإتلاف، حسب المصدر نفسه، همّ فكري «مصحوبًا ببعض الأشخاص إلى الجهة الخلفية لشاحنة نقل النفايات للحيلولة دون وضع الأسماك بها». و«في هذه الأثناء اشتغلت آلة الضغط ما أدى إلى وفاته». وقال الوكيل العام إن البحث لم يثبت «صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أي جهة»، مرجحًا أن تكون الأفعال المرتكبة «تكتسي طابع القتل غير العمدي». وتناقلت شبكات التواصل الاجتماعي بكثافة صورة لجثة فكري وهي عالقة داخل مطحنة الشاحنة بكثافة مؤدية إلى تفاقم الغضب، وخرج الأحد الماضي الآلاف في جنازة فكري ، كما تظاهر الآلاف مساء الاثنين في الحسيمة منددين بما حصل له ومطالبين بمعاقبة الجناة.