"تونس تنهر وزيرا سابقا هاجم الجزائر". هو العنوان الذي وضعته صحيفة "الشروق" الجزائرية اليوم 16 ديسمبر 2020، لخبر استقبال وزير الخارجية التونسية للسفير الجزائري أمس الثلاثاء. وقالت الصحيفة: "أبلغ وزير خارجية تونس عثمان الجرندي، السفير الجزائري عزّوز باعلال "براءة" بلاده، من تصريحات لوزير سابق هاجم فيها الجزائر". وكانت وزارة الخارجيّة التونسيّة، ذكرت في بلاغ أمس، أنّ عثمان الجرندي، استقبل، بمقرّ الوزارة، سفير الجمهوريّة الجزائريّةبتونس، عزّوز باعلال. ونقل البلاغ عن الجرندي تأكيده لضيفه: "أن صفاء العلاقات التونسيةالجزائرية لا يمكن أن تكدره مواقف غير رسمية لا تلزم تونس في شيء ولا تُلزم إلّا أصحابها". ولم توضح الوزارة المقصود بالمواقف المكدرة لصفاء العلاقات. وكان أحمد ونيس، السفير ووزير الخارجية سابقا، صرّح لإذاعة "ابتسامة اف ام"، أنّ الملك محمد السادس اتخذ قرار التطبيع "ليس من أجل إسرائيل بل من أجل الحرب". واعتبر ونيس أنّ القرار يجب أن يوضع في "منطق الحرب على الانفصال الذي قررته الجزائر"، في إشارة إلى دعم النظام الجزائري لجبهة البوليزاريو التي تقاتل عسكريا منذ 45 عاما من أجل انفصال الصحراء الغربية عن المملكة المغربية. وذكّر المتحدث بأنّ المخابرات الإسرائيلية ساعدت الحسن الثاني والد محمد السادس في حربه مع البوليزاريو، وفق قوله. وتابع ونيس: "بعد مساعدة تونس والمغرب الجزائريين على الاستقلال، انقلبوا على الجارتين وافتكوا مئات الكيلومترات من الصحراء التونسية، وهو ما رضخ له الحبيب بورقيبة، أمّا الحسن الثاني فلم يرضخ، ولذلك أشهروا عليه الحرب، مقابل شنّ هجوم عسكري وحيد على تونس وهو عملية قفصة سنة 1980". وأضاف "نحن والجزائريون نعاني من ذلك النظام العسكري". وأردف قائلا: "كان أملي أنّ النظام الجديد في الجزائر يتخذ القرار الديمقراطي الصحيح في اتجاه الاتحاد المغاربي، لكن النظام الجزائري متمسّك بالخارطة الجغرافية التي فرضها الاستعمار في المنطقة". واعتبر ونيس أنّ "الخيار المغاربي كسره النظام العسكري الجزائري الذي يلعب بالنار"، وفق تعبيره. وليس جديدا على الدبلوماسي السابق أحمد ونيس، التعبير عن مواقف حادة تجاه النظام الجزائري، وكان قد دفع السفير الجزائري في تونس إلى الانسحاب من ندوة لجمعية الدراسات الدولية (ترأسها المرحوم الرشيد إدريس)، عقدت يوم 20 فيفري 2009، في الذكرى العشرين لاجتماع القادة المغاربة الخمس بمراكش سنة 1989 وإعلانهم تأسيس اتحاد المغرب العربي. وألقى فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب آنذاك، وصلاح الدين بن مبارك وزير الاقتصاد الأسبق، والخبير الاقتصادي عبد السلام دمق، مداخلات حول الاتحاد المغاربي. وقد حضر الندوة إلى جانب السفير الجزائري، نظيره المغربي. وأثناء النقاش، دعا ونيس إلى طرح المسألة دون تهرّب ومراعاة عواطف بعض الأطراف، مؤكدا أنّ المسؤولية تفرض مراجعة الشعوب والمساءلة والاعتراف بأنّ أسباب الفشل انطلقت منذ مرحلة مراكش 1989 وتتمثل في أمرين أساسيين: "أولهما، التعلق بسيادة الدولة بالمعنى الضيق بشكل أقرب إلى التعجيز وهو ما لا يليق خاصة والشعوب تطالب بدور إقليمي وعالمي، وثانيها هو إصرار الجزائر على خلق دولة سادسة في المغرب العربي في الصحراء الغربية" وهو تعجيز كامل حسب تعبير المتدخل. ودفع هذا الكلام السفير الجزائري إلى مغادرة قاعة الندوة بمكتب الجمعية في مونبليزير بتونس العاصمة، والتحق بع أعضاء من الهيئة المديرة للجمعية للاعتذار له وإبلاغه أنّ أحمد ونيس لم يكن مدعوّا رسميا للندوة. ولم يطّلع الرأي العام على مواقف لدبلوماسيين تونسيين معادية للنظام الجزائري، بل إنّ تونس حجبت رسميا الحقائق المتعلقة بعملية قفصة سنة 1980، التي تضمنتها اعترافات المتورطين وتشير إلى ضلوع جزائري في العملية. وظلّت أصابع الاتهام موجهة إلى النظام الليبي بقيادة العقيد معمر القذافي. ولا يعرف إن كان الدبلوماسي ونيس يعبّر عن موقف سائد يتبناه جزء من الدبلوماسيين التونسيون والدولة التونسية. لكن يعرف عنه أنّه مقرب من السفارة الأمريكية في تونس، وكثيرا ما كانت تستضيفه للجلسات الحوارية مع النشطاء الحقوقيين وممثلي المنظمات التونسية.