عاد ملف هيئة الحقيقة والكرامة من جديد ليطفو على الساحة قبل أسابيع من انتهاء عمل الهيئة ومع تمريرها لبعض الملفات حول تورّط مسؤولين سابقين في حكم بن علي أبرزهم وزير الداخلية الأخير قبل 14 جانفي أحمد فريعة. كتلة حركة نداء تونس عبّرت عن انشغالها ل”إعادة محاكمة مسؤولين سابقين في الدولة من أجل نفس الأفعال بطلب من هيئة الحقيقة والكرامة المنتهية مدتها وصلاحياتها بمقتضى قرار تشريعي”، وفي مخالفة صارخة لكل القوانين المقارنة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة ،وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للامم المتحدة . وحمّلت كتلة حركة نداء تونس الحكومة مسؤولياتها لما وصفته ب”التجاوز الخطير لقرار السلطة التشريعية المذكور والملزم للسلط التنفيذية والإدارية، وبالخصوص عبر توقيع الوزير السابق للعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية على بلاغ مشترك بتاريخ 24 ماي 2018 مع رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة التي انتهت مدتها وصلاحياتها منذ 1 جوان 2018 لتناقض نفسها بعد أن أعلمت الهيئة سابقا بقرار مجلس نواب الشعب بعدم التمديد لها. وفي ردّها على هذه الاتهامات نشرت هيئة الحقيقة والكرامة تصريحا لنائب رئيس الهيئة محمد بن سالم ان الهيئة ليست هي الجهة التي أصدرت القانون او الدستور الذي أقرّ موضوع اتصال القضاء وسقوط الجريمة بمرور الزمن. وقال بن سالم إن الهيئة تقوم بدور النيابة العمومية في إثارة الدعوة كما تتولى أعمال التحقيق الجنائية المستوجبة فيما يثبت فيه حصول انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، ودورها مشابه لما يقوم به قاضي التحقيق بدائرة الاتهام. وأضاف أن الهيئة تحيل الملفات على الدوائر القضائية المتخصصة بعد ختم الأبحاث فيها طبقا للفصل 42 من القانون الأساسي المنظم للعدالة الانتقالية. وبمجرد إحالة الملف على الدوائر القضائية المتخصصة لا يعود للهيئة أي سلطة على الملف والإجراءات المتخذة حياله وتصبح اختصاصا مطلقا للسلطة القضائية. وقالت الهيئة في موقعها إنّ الفصل 42 ينص على ان تعلم النيابة العمومية الهيئة بكل الإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل السلطة القضائية". وتتعهّد الدوائر القضائية المتخصصة حسب الفصل 8 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 "بالنظر في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على معنى الاتفاقيات الدولية المصادق عليها وعلى معنى أحكام هذا القانون"، والتعهد بالملف طبقا للائحة الاتهام المحالة عليها والتي صادق عليها مجلس الهيئة. وتنص الفقرة الأخيرة من الفصل 42 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 على ان الملفات الواقع احالتها لا تتعارض مع "مبدأ اتصال القضاء"، حيث أكد نائب رئيس الهيئة ان كل من يريد نقاش في هذا المبدأ هو ناكر للقانون الصريح ومستهدف لاستقلالية القضاء وللمؤسسة القضائية. وتعدّ الهيئة لائحة الاتهام في الملفات التي تتم احالتها على الدوائر القضائية المتخصصة بناء على شكايات يتقدم بها مودعي الملفات من الضّحايا وبعد عمليات بحث وتحري، وذلك في إطار كشف الحقيقة ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من أجل انصاف الضحايا وضمان عدم التكرار. وتم إحداث 13 دائرة قضائية متخصصة في العدالة الانتقالية في كل من تونس، وسوسة وصفاقس، وقابس والقصرين، وسيدي بوزيد، وبنزرت والكاف، وقفصة والقيروان ومدنين والمنستير ونابل.