“إحنا اطَّحنا تعذيب”، “لو أي حد أخد الكهربا اللي أخدناها سوف يعترف بأنه قتل السادات”، بهذه الكلمات فسر أحد الشباب الذي نفذ فيهم حكم الإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري سبب اعترافهم بالجريمة. كانت هذه كلمات محمود الأحمدي أمام القاضي الذي يحاكمه، ولكن لم تُجد هذه الكلمات نفعاً، إذ صدر ضده حكم بالإعدام ضمن تسعة شبان أُعدموا الأربعاء 20 فيفري 2019، بتهمة اغتيال النائب العام هشام بركات عام 2015. فريق الاغتيال المفترض يبدو غريباً مهندسون وأطباء وطلاب ومترجم وجيولوجي وآخرون على شاكلتهم، شكلوا فريق القتل الذي اغتال النائب العام المصري، حسب رواية رسمية تغيرت مراراً. ولم يكن غريباً أن يقابَل إعلان الحكومة المصرية عزمها إعدام المدانين التسعة بمناشدات دولية ومحلية، سرعان ما تحولت إلى صدمة بعد أن نفذت الحكومة حكم الإعدام. وتزايدت المناشدات مع ورود أنباء لأسر الشباب ال9 عن قيام إدارة السجن بنقلهم من السجن تمهيداً لإعدامهم. ولكن رغم المناشدات الحقوقية تم اليوم الأربعا تنفيذ الحكم الصادر بحقهم في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعد رفض الطعون المقدمة منهم. من هُم الشباب الذين نفذ فيهم حكم الإعدام في قضية اغتيال النائب العام؟ هوية المتهمين ومستوى تعليمهم وظروفهم الشخصية تدفع لمزيد من التساؤلات حول حقيقة تورطهم في هذه الجريمة. فالكثيرون يرون أنه يمكن أن يكون هؤلاء الشباب معارضين، ولكن يصعب عليهم تقبل فكرة أن هؤلاء الشباب الذين ينتمون للطبقة الوسطى اجتمعوا من أجل جريمة اغتيال. أما أهالي المعتقلين فقد سبق أن أعلنوا أن أبناءهم مختطفون ومختفون قسرياً، وفجأة فوجئوا بهم متهمون في القضية. وفي هذا التقرير سوف نعرض بعض اللمحات عن الشبان التسعة التي تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم اليوم بسبب قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات عام 2015. أحمد وهدان.. المهندس المدني الذي اختُطف من أمام مطعم وُلدت ابنته وهو في السجن، والآن أصبحت يتيمة الأب. المهندس أحمد طه وهدان، المهندس هو أحد المحكوم عليهم بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام. اختفى وهدان في عام 2016. إذ أطلق رفاقه وسماً في 2016 يقولون إنه اختطف من أمام مطعم في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة. وتُظهر إحدى الصفحات المعارِضة على فيسبوك صورةً لوهدان وهو يرتدي حلة فرح، ومعها تعليق بأنه تم اختطاف المهندس أحمد طه وهدان، ابن دكتور طه وهدان، أحد قيادات الإخوان من أمام أحد مطاعم مدينة 6 أكتوبر. وأفادت الأنباء بعد ذلك بأن وهدان أُخفي قسرياً من قِبَل الشرطة لمدة شهر، تعرض خلاله لتعذيب شديد، قبل ظهوره في سجن العقرب، الذي يمثل رعباً خاصاً للمعارضين المصريين لمدة سبعة أشهر، ومُنعت عنه الزيارة خلال هذه الفترة، حسب موقع رصد المصري. أبو بكر الشافعي.. طالب الهندسة الذي فقد الذاكرة «ماذا فعلوا بك حبيبي.. ماذا فعلوا بك حتى لا تتذكرنا أو تتذكر أمك.. ماذا فعلوا بك وأنت زينة الشباب». بسبب كثرة التعذيب فقد طالب كلية الهندسة أبوبكر السيد عبدالمجيد الشافعي ذاكرته. ما حدث له صدم شقيقته، ودفعها لتكتب له هذه الكلمات بعد أن فقد الذاكرة. فقبل أن يُنفذ فيه حكم الإعدام بأكثر عامين، تمت إحالة أبوبكر للطب الشرعي، بعد إصابته باضطراب عقلي نتيجة التعذيب، حسبما نقل موقع التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن شقيقته. وقبل أن يفقد الذاكرة تم تهديده بوالدته ووالده لكي يعترف، وفقاً لموقع رصد. عبدالرحمن كحوش.. اعتقلوه وهو يستعد للزواج كان يبدو أنه في الخمسين من عمره، رغم أنه في السادسة والعشرين. هكذا وصفت شقيقة عبدالرحمن كحوش أخاها بعد مكوثه لفترة في سجن العقرب الشهير. تخرج الجيولوجي عبدالرحمن قبل عام من اعتقاله في كلية العلوم، جامعة الأزهر. وفي الوقت الذي اغتيل فيه النائب العام كان يُجهز لزفافه. وتم اعتقاله هو وخطيبته معاً، وخلال التحقيقات معها تعامل معها المحققون بطريقة غريبة، تكاد تكون تحرشاً، حسب وصف شقيقة عبدالرحمن. ثم طلبوا منها أن تتخلى عن خطيبها. وعندما رأته شقيقته بعد دخوله سجن العقرب قالت إنه فقد كثيراً من وزنه، وكان مظهره كأنه في الخمسين من العمر، وليس 26 عاماً. وتقول إنه كان يعاني كغيره من المتهمين في السجن، حتى إنهم منعوا عنهم إدخال أي ملابس شتوية لهم، حتى الجوارب أو البطاطين، فكل شيء كان ممنوعاً. ووصفت شقيقته المحاكمة في قضية اغتيال النائب العام بأنها هزلية، مشيرة إلى أن القاضي قال له خلال المحاكمة إنه اعترف خلال التحقيقات بالجريمة، رغم أنه أبلغه بتعرضه للتعذيب. أحمد هيثم الدجوي.. جاؤوا بي من قضية أخرى «محدش هنا عارف هو اتجاب ليه، أنا كنت محبوس، وتم ضمّي للمتهمين في قضية النائب العام». بهذه الكلمات صاح أحمد الدجوي في وجه القاضي الذي يُحاكمه. الدجوي، طالب في كلية الهندسة، تعرّض للاختفاء القسري في عام 2015، ظهر بعد 60 يوماً من تعرضه للتعذيب في سجن العقرب، وتعرّض للإهمال الطبي المتعمَّد في محبسه. محمود الأحمدي.. ذهب للبحث عن أخيه ويعرف من قتل السادات “إحنا اطَّحنا تعذيب”، بهذه الكلمات توجَّه محمود الأحمدي للقاضي الذي حاكمه في محاولة منه لشرح أسباب اعترافه بالجريمة. وقال للقاضي “أعطني الكهرباء التي تم تعذيبنا بها لكي أستخدمها ضد أي أحد، وسأجعله يقول لك إحنا اللي قتلنا السادات”. وأضاف: “لقد تلقينا كهرباء تكفينا 20 عاماً” طريقة اعتقال محمود الأحمدي تبدو غريبة. إذ تعرّض شقيقه للاختفاء القسري فذهب لتقديم بلاغ بشأنه. ولكن النتيجة أنه تم اعتقاله هو شخصياً، ثم تعرض لتعذيب شديد أجبره على الاعتراف بالمشاركة في جريمة اغتيال النائب العام. إسلام مكاوي.. كان مجنداً بالجيش وقت وقوع الجريمة تبدو حكاية مكاوي الأغرب بين المحكوم عليهم. إذ أنهى خدمته العسكرية في الجيش المصري بعد ثلاثة أشهر من حادث اغتيال النائب العام. تعرّض للاختفاء القسري والتعذيب في 2016، قبل ظهوره في سجن العقرب، ثم وُجه له الاتهام بالمشاركة في الجريمة. أحمد جمال حجازي.. اختفاء ثم اتهام أحمد جمال حجازي طالب في كلية العلوم يبلغ من العمر 24 عاماً. تعرّض للاختفاء القسري، في فبراير/شباط 2016. بعد ذلك ظهر في نيابة أمن الدولة في الشهر التالي، ليُوجه له الاتهام في القضية. أبو القاسم أحمد.. يوم الجريمة كان في مدينة أخرى تبعد 800 كيلومتر كان أبوالقاسم في بلدته بمحافظة أسوان يوم اغتيال النائب العام، حسبما قالت شقيقته. وتبعد أسوان عن القاهرة نحو 800 كيلومتر. وتم القبض عليه بعد تسعة أشهر من الجريمة، بالصدفة في الشارع، ثم تم اتهامه في قضية مقتل النائب العام. وأبوالقاسم كان في الفرقة الرابعة في كلية الدعوة الإسلامية، عندما تم اعتقاله وهو يبلغ من العمر 25 عاماً. أحمد محروس السيد.. الاتهام بعد تسعة أيام طالب في كلية الهندسة بجامعة الأزهر، ويبلغ من العمر 27 عاماً. اعتُقل في 22 فيفري 2016، تم توجيه الاتهام له في 3 مارس 2016.