انقلبت قضية الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد رأسا على عقب وكشفت التطورات الأخيرة للقضية معطيات جديدة ورطت في دلالتها الأوليّة الائتلاف اليساري للجبهة الشعبية الذي عوّل من البداية على هذه القضية لتصفية حساباته السياسة. وفتح تصريح بشر الشابي محامي مصطفى خضر الباب على مصراعيه أمام حقائق وفرضيات جديدة، ابرزها مساهمة ائتلاف الجبهة الشعبية وهيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي في تعويم ملفّ الاغتيالات بدلا من كشف ملابساته في ممارسة اعتبرها البعض استثمارا لدماء الشهداء لغيايات سياسية. هذه الانتقادات جاءت هذه المرة من المجيد بلعيد شقيق الشهيد شكري بلعيد والذي وجّه خلال ندوة خاصة بحركة “تونس إلى الامام” اتهامات إلى قيادات الجبهة الشعبية بالتخلي عن حلم رفيقهم الشهيد بلعيد بعد ان “استثمروا”، في دمائه حسب قوله. ولم تكن هذه الانتقادات الوحيدة الموجهة للجبهة والهيئة التابعة لها، حيث كشف محامي مصطفى خضر تعّمد الهيئة اخفاء وثيقة من الملف تكشف تورط حمة الهمامي وكمال لطيف في منح مبلغ يقدّر ب300 مليون لقاتل شكري بلعيد.تصريحات المحامي بشر أدخلت أعضاء الهيئة في حالة من التخبط والتذبذب حيث انقسمت تصريحات اعضائها بين مؤكد لوجود هذه الوثيقة التي تدخل في باب التخمينات والخيالات وبين من ينفي وجودها تماما، رغم ان الهيئة استخدمت ذات الوثيقة وجزءًا منها لاتهام الحركة النهضة فيما اخفت الباقي. وأظهرت معطيات جديدة أنّ ما اعتبرته قيادة الجبهة الشعبية وذراعها القانونية دلائل على وجود جهاز سرّي، مجرد خواطر كتبها مصطفى وخذر وقصاصات من الصحف ومواقع الكترونية، اجتزأت هيئة الدفاع عن الشهيدين منها ما شاءت لتوظفه في المعركة السياسية التي تهدف إلى إقصاء حركة النهضة وتشويهها. وفي ذات السياق، تحدثت بسمة الخلفاوي ارملة الشهيد شكري بلعيد عن أسباب تخليها عن المشاركة السياسية في الجبهة الشعبية قائلة ” أنا وصلت لمرحلة من التعب قررت فيها الابتعاد عن الحياة السياسية”. وأوضحت أن اختلافها مع قيادات الجبهة الشعبية كان حول إدارة قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد، مؤكدة تبنيها لأفكار وقناعات الجبهة الشعبية. وأضافت أنها لا تتهم رفاقها الجبهاويين بالتقصير بل رأت أن طريقة تعاملهم مع ملف اغتيال شكري بلعيد ليست أفضل ما يمكن، وفق تعبيرها. ويبدو أنّ الجبهة الشعبية تعيش اكثر أوقاتها حرجًا نظرا للأزمة الّتي ضربت بيتها الدّاخلي، على وقع الصّراع الدّائر على كرسي قرطاج والذي جمع بين القيادي بحزب الوطد المنجي الرحوي وزعيم حزب العمال حمة الهمامي في ذات الحلبة، وبسبب مصداقيتها التي باتت على المحك بعد ان خيّرت الجبهة استغلال دماء رفاقها لضرب خصومها السياسيين حتّى ولو كان ذلك على حساب الحقيقة، التي بدا وأنّ الجبهة الشعبية تُحاول إخفاءها.