ينظّم حزب حركة نداء تونس المؤتمر يومي 6 و7 أفريل الجاري بالمنستير وسط عديد من الإشكاليات التي تحوم حول المؤتمر الذي أثار كثيرا من الجدل وأسال كثيرا من الحبر، بسبب عديد الإشكاليات والخلافات بين قيادة الحزب. ومن المنتظر أن يحضر فعاليات مؤتمر النداء مؤسسه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في وقت ينتظر فيه أبناء الحزب أن يقدّم الرئيس مبادرة داخله من أجل إنقاذ الحزب الذي يتخبّط في مشاكل داخلية منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2014 واستقالة السبسي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، ففي غياب الزعيم القادر على تجميع عشرات القيادات التي تحمل عديد الاختلافات السياسية والإيديولوجية، تفككت الروابط الداخلية وبرزت النزعات الشخصية. الباجي قائد السبسي والذي عاد للحياة السياسية بعد الثورة قاد الحكومة في 2011 وتمكّن بفضل خبرته السياسية في إيصال البلاد إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أواخر أكتوبر 2011 رغم الوضع الصعب التي مرّت به البلاد في ظلّ حالة المطلبية المشطّة والاحتجاجات في كل جهات البلاد. وبعد تسلّم “الترويكا” للحكم وإرساء المجلس الوطني التأسيسي قام الباجي قائد السبسي بتجميع عديد الشخصيات من عائلات مختلفة من أجل إيجاد “التوازن السياسي” في البلاد بتأسيس نداء تونس في 2012 والذي ضم عديد الحساسيات السياسية وفي مقدّمتها العائلة الدستورية وكذلك بعض الوجوه اليسارية والقومية. وبعد تأزّم الوضع السياسي في 2013 بعد حدوث الاغتيالات السياسية في البلاد وإصرار المعارضة على إسقاط من وصل للحكم عن طريق الصندوق، انخرط الباجي قائد السبسي مع حركة النهضة في مبادرة للحوار الوطني والوحدة الوطنية وعقدت التفاهمات على أساس التعايش بين مختلف الأطراف السياسية التونسية وخاصة القوى الأساسية في الساحة التونسية وفي مقدمتها حركتا النهضة والنداء وهو ما ساهم في نقص وتيرة التوتّر السياسي رغم تواصل الاستقطاب الثنائي والذي ظهر بشكل جلي في نتائج الانتخابات التشريعية عندما حصد النداء 85 مقعدا فيما حاجزت حركة النهضة عن 69 مقعدا. وساهم الباجي قائد السبسي في 2015 في إبراهم توافق مع حركة النهضة بتشكيل حكومة الحبيب الصيد وبمشاركة حزبي أفاق تونس والاتحاد الوطني الحرّ ثم تم تشكيل حكومة يوسف الشاهد بمباركة السبسي والذي اقترحه للحكم. وعلى الصعيد الخارجي، استعادت الدبلوماسية التونسية عافيتها خاصة على المستوى العربي بعد أن بدأ السبسي حكمه بزيارة عدد من الدول العربية التي لها وزن على المستوى الإقليمي مثل قطر والإمارات والسعودية كما انخرطت تونس ضمن التحالف العربي الإسلامي بقيادة العربية السعودية ثم اتخذت موقف الحياد في الازمة الخليجية ممّا أهلها لاستضافة القمّة العربية يوم 31 مارس المنصرم وبحضور عدد مهم من القادة العرب. ومثّلت القمة العربية فرصة جديدة لتبيان مدى نجاح الدبلوماسية التونسية في ظلّ حضور عدد مهم من الزعماء العرب يتقدّمهم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وأمير قطر جاسم بن حمد وملك الأردن عبد الله الثاني. وبعد كل هذه العلامات المهمّة في مسيرة الباجي قائد السبسي بعد الثورة والتي لا تخلو في الحقيقة من عدّة سلبيات وقرارات أثارت عديد الانتقادات، إلاّ أن السبسي يبقى من بين الشخصيات التي يمكنها المساهمة في إنجاح الفترة القادمة وتنقية الأجواء السياسية المشحونة في الفترة الأخيرة وخاصة في إعادة بريق نداء تونس من أجل دفعه نحو التماسك الوطني. وفي هذا الإطار قال النائب عن كتلة نداء تونس بمجلس نواب الشعب محمد رمزي خميّس في تصريح لموقع “الشاهد” إن ما قام به قايد السبسي قبل الثورة وبين سنتي 2011 و2014 وعند تأسيس النداء سنة 2012 يشهد له وسجل في تاريخه، مؤكدا أنه لا أحد يمكن له أن ينكر فضل رئيس الجمهورية في إنقاذ الوضع الامني بعد الثورة والوصول الى البلاد الى بر الأمان. وما قدّ يدعّم تدخّل السبسي من أجل انقاذ النداء تصريحات ابنه حافظ في الفترة الأخيرة حول عدم وجود أي طموح سياسي له في الترشح إلى أي انتخابات، وليس له أي طموح شخصي من خلال ممارسة حقه السياسي، ولن يكون له أو لغيره أي تأثير في انتخاب قيادة النداء القادمة. فالسبسي والذي استقال من نداء تونس بحكم ما ينصّ عليه الدستور فإنّ قربه من النداء لا يمكن إخفاؤه خاصة في ظلّ حديثه كثير من المرّات علنا عن المشاكل الداخلية وسط الحزب ثم إنّ إعلان حزبه نيته ترشيحه للانتخابات الرئاسية قد تجعل من السبسي يأخذ بزمام الأمور من جديد داخل الحزب وكذلك في ظلّ بروز حزب “تحيا تونس” والذي تمّ تأسيسه من رحم النداء ومن خلاله تصدرت القيادات الحالية ورجال الدولة للحياة السياسية.