في حالة غير مسبوقة وبالتزامن مع تنامي الحراك الاجتماعي بعد الثورة تسارعت الإضرابات في تونس كخطوة تصعيدية للتعبير عن مطالب القطاعات المهنية، ورغم اختلاف الخلفيات فإن المطالب ظلت تتراوح بين التشغيل والانتداب وتحسين الاجور. هذه الدعوات وعلى كثرتها اعتبرها البعض مطالب تعجيزية تأتي في إطار سياسة ليّ ذراع الحكومة باعتبار أن الوضع الاقتصادي الهش للبلاد لايسمح بمزيد من المطالب التعجيزية ، في حين يشدّد اصحاب هذه الاضرابات على أحقية مطالبهم بسبب تدهور وضعهم المعنوي والمادي واهتراء قدراتهم الشرائية وما رافقها من ترفيع في المواد الاساسية ورفع الدعم التدريجي عن المحروقات. وفي هذا السياق، عرفت ولاية بنزرت اليوم الاثنين 15 افريل شللا تاما في حركة النقل، بعد أن أغلق أصحاب وسواق سيارات اللواج، الطرقات ومنافذ الجهة والجسر المتحرك احتجاجا على الترفيع في أسعار المحروقات وقام أصحاب التاكسي الفردي واللواجات بغلق مداخل المدن بولاية بنزرت خاصة مدينة بنزرت ، ما استوجب تدخل قوات الأمن الذين حاولوا وبحسب مصادر اخبارية اقناعهم بفتح الطريق أمام المواطنين للتوجه إلى مقرات عملهم ودراستهم خاصة المرضى المتوجهين الى المصحات والمستشفيات، ما ادى إلى حدوث حالة من التوتر بين الأعوان والمحتجين. وقد تم على إثر هذا ايقاف عدد من أصحاب التاكسيات واللواجات المضربين وإعادة فتح الطريق بالقوة حيث عادت حركة السير عادية على الجسر في انتظار فتح بقية مداخل المدن. من جهة أخرى، دخل أعوان مؤسسات الضمان الاجتماعي في إضراب عن العمل، كامل اليوم الاثنين 15 وغدا الثلاثاء 16 أفريل 2019، وذلك احتجاجا على عدم استجابة السلط المعنية لمطالبهم الواردة باللائحة المهنية. و ياتي هذا الاضراب على خلفية قرار الهيئة الادارية للجامعة العامة للضمان الاجتماعي، وفق ما جاء في برقية التنبيه بالإ ضراب والتّي تذكر بالمطالب ومنها إصدار النظام الأساسي المتفق عليه سابقا وتطبيق اتفاق 8 أكتوبر 2014 والتأمين الجماعي. من جانبها، أعلنت شركة الخطوط الجوية التونسية تسجيل اضطرابات في برمجة رحلاتها انطلقت أيام السبت والأحد وتتواصل إلى اليوم، بسبب تحركات احتجاجية مفاجئة للطيارين. وفي سياق متصل أكد المدير العام للشركة الوطنية للخطوط التونسية ، إلياس المنكبي،، أن سبب الاضطرابات المسجلة في رحلات الناقلة الوطنية هو غياب عدد من الطيارين عن العمل بشكل فجائي، وذلك بسبب تواصل المفاوضات معهم حول طلبات كانوا قد تقدموا بها إلى الطرف الإداري تتعلق أساساً بالزيادة في الأجور. وأضاف المنكبي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أن “مطالب الطيارين تعجيزية لا تقدر الشركة في وضعها الحالي الصعب على مجابهتها”. في المقابل، فندت النقابة الاساسية للطيارين في بيان اصدرته أمس الاحد، ما اعتبرته “الادعاءات الباطلة للرئيس المدير العام عن وجود مفاوضات حاليا بين النقابة والادارة” داعية هذه الاخيرة الى احترام قواعد المفاوضات الجادة وتجنب تعكير المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة. وتوثق الارقام الكبيرة للاضرابات ،ما خلفته من خسائر مالية وتعطيل عجلة التشغيل، حيث بلغ عدد أيام العمل الضائعة بسبب الاضرابات 116882 يوما سنة 2018 وفق البيانات الإحصائية التي تحصلت عليها وكالة تونس افريقيا للأنباء من الإدارة العامة لتفقدية الشغل والمصالحة بوزارة الشؤون الإجتماعية،كما ارتفع عدد المؤسسات المعنية بهذه الإضرابات من 171 مؤسسة سنة 2017 إلى 179 مؤسسة في العام الماضي. واختلفت صبغة هذه الاضربات منذ ثورة 2011 حيث باتت تتدخل بشكل مباشر في الخيارات السياسية والإقتصادية للحكومات، وبات لها موقف من المديونية ومن صندوق النقد ومن الضرائب.