تمثّل الأحزاب السياسية حجر الأساس في جميع الدول الديمقراطية على اعتبار أنها تمثل مختلف فئات الشعب وتحكم باسمه بعد أن تحظى بثقة الأغلبية. وقد مرّت تونس طوال عقود بمراحل كان فيها إنشاء الأحزاب السياسية يرقى إلى مستوى الجريمة نظرا لغياب الديمقراطية وهيمنة حكم الدكتاتورية. ومنذ قيام الثورة تمكّن السياسيون التونسيون من إنشاء أحزاب كل حسب توجهاته وبرامجه كما تمكّن المواطن التونسي من اختيار من يمثّله بكل حريّة ودخلت بذلك تونس مرحلة الديمقراطية السياسية، إلا أننا نلاحظ بعد 8 سنوات من الثورة بروز مشاريع سياسية خارج الإطار الحزبي. فهل أن هذه المشاريع خطوة إيجابية في الديمقراطية أم العكس؟ اعتبر المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي أن الترشحات خارج إطار الأحزاب رسائل قوية موجهة لمنظومة قائمة حاليا، مبيّنا أن ترشح المستقلّين أو ما شابههم هو بمثابة تأكيد أن الأحزاب السياسية ارتكبت أخطاء كبيرة وفقدت جزءا كبيرا من ثقة المواطنين. وأضاف الجورشي في تصريح لموقع “الشاهد” أن هذا الفراغ لا يمكن أن يستمر على مستوى الحياة السياسية، حيث تحاول الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني أن تملأه، معتبرا أن الإشكالية تتمثّل في أننا نجد أنفسنا أمام منعرج خطير ستكون له تداعيات على المؤسسات وعلى الحياة السياسية. كما أكد المحلل السياسي أن الديمقراطية ما زالت ترتكز بشكل كبير على الأحزاب السياسية، والحزب السياسي لا يزال يشكّل الرافعة المهمة والمحورية في النظام السياسي الديمقراطي، مشيرا إلى أنه اذا ضعفت هذه الأحزاب سنجد انفسنا امام حالة من التشتت الواسع النطاق وهذا التشتت بدل أن يخلق تنافسا بين هياكل جامعة لجزء من المواطنين سنجد انفسنا امام تشتت واسع النطاق وبالتالي أمام إفراد مهما كان قيمتهم فإنه عمليا يصعب أن يقع الاعتماد عليهم كليا لإدارة شؤون البلاد والحكم. وأفاد صلاح الدين الجورشي بأن العمل السياسي خارج الإطار الحزبي سيكون له تداعيات سلبية وسيفتح المجال ضرورة أمام تصحيح مسارات الأحزاب القائمة او لمئات احزاب جديدة، مشيرا إلى أنه تونس عاشت من قبل مرحلة التكنوقراط وتبين فيما بعد ان التكنوقراط لم يتمكنوا بمفردهم من التحكم في جهاز الدولة والرأي العام واضطر العديد إلى دخول لعبة الأحزاب السياسية وأسسوا أحزابا تخوض الانتخابات كغيرها، وفق أجندا وبرامج معلنة.