يختلف التونسيون كسائر شعوب العالم في التفكير والرأي والمعتقدات والإيديولوجيات، الشيء الذي يجعل منه فسيفساء متناسقة ومتكاملة. لكن هذه الصورة النمطية عن الاختلاف لا تنطبق على جميع التونسيين فهناك فئة سرعان ما ترفض اختلاف المواقف حول موضوع ما ولا تؤمن بثقافة الاختلاف وقبول الرأي المغاير، رغم ادّعاء هذه الفئة تبنّي قيم الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان. ومنذ أن تمتع التونسيون بحق التعبير عن آرائهم بكل حرية وديمقراطية تجلّى لنا وبوضوح أن جزءا من التونسيين لا يقبلون من يخالفهم الرأي بل أكثر من ذلك فإن بعض المواضيع التي تكون محل خلاف تصبح مجالا لتراشق التهم والشتائم والإقصاء. ولعلّ وفاة الرئيس المصري محمّد مرسي كانت بمثابة دليل على إقصاء بعض التونسيين لمن لا يشاطرهم أفكارهم وآرائهم فقد تجاوزت الشتائم والتهم العالم الأزرق ووصلت حتى قبة البرلمان التونسي حيث اتهمت نائبة زميلا طلب تلاوة الفاتحة على روح مرسي بالإرهاب والأخونة. واعتبر أستاذ علم الاجتماع سامي نصر أن موضوع إقصاء التونسي لمن يخالفه الرأي بالغ الأهميّة ومسكوت عنه لأن الجميع مساهم في هذه الظاهرة. وأضاف نصر في تصريح لموقع “الشاهد” أن السبب في هذه الظاهرة يعود إلى انعدام عقلية التعايش مع المختلف ومع الرأي الآخر، مشيرا إلى أن ثقافة الاختلاف لم تغرس في التونسيين عبر التنشئة الاجتماعية قائلا: “رب العائلة غالبا ما يفرض رأيه ولا يعطي فرصة للطرف الآخر للتعبير وفي المحيط المدرسي الأستاذ لديه سطة التلقين والتلميذ هو المتلقي”. كما بيّن نصر أن الحياة الاجتماعية أصبحت تشجع على عدم تقبّل الرأي المختلف وأن التونسيون يرفعون شعارات مفقودة وهي ثقافة الحوار كما استشهد بمقولة فلسفية: “إذا رايت شعارا مرفوعا فتأكد أنه مفقود”. وأشار الباحث في علم الاجتماع إلى أن تغليب المصالح الذاتية على مصالح المجتمع يفرز اختلافا في الشخصيات يصبح بمقتضاه القاسم المشترك هي المصلحة الشخصية ومصلحة الوطن تكون في المرحلة الثانية.