انطلقت الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية يوم 14 سبتمبر الفارط لتنتهي يوم 4 أكتوبر المقبل. ولئن بدت الحملة الانتخابية باهتة ولم تلفت نظر الناخب التونسي فإن الأسباب واضحة للعموم وهي الاهتمام البالغ الذي أولاه التونسي للانتخابات الرئاسية السابقة أوانها. ولئن أعرب العديد من السياسيين خاصة منهم الذي لم يسعفهم الحظ لبلوغ الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية عن عزمهم العمل على الانتخابات التشريعية للفوز بمقاعد في البرلمان خاصة وأن التغيير ينبع من السلطة التشريعية، فإن العديد من المواطنين عبروا عن استيائهم من أداء النواب في الفترتين البرلمانيتين الفارطتين. وقد طغت على الفترة البرلمانية الفارطة ظاهرة السياحة البرلمانية والحزبية التي أربكت المشهد السياسي والتي أحبطت المواطن التونسي الذي أدرك أنه وقع في عملية تحيّل على صوته حيث انتخب نوابا على حزب معين تبعا لبرنامج معيّن ثم وجدهم في أحزاب أخرى خدمة لمصالحهم الضيقة ودون أي تفكير في الناخب الذي أعطاهم صوته. وقد اعتبر أستاذ علم الاجتماعي سامي نصر أن السياحة الحزبية تجعل العملية الانتخابية مجرد مسرحية سياسية يشارك فيها الناخب بإرادته وتبقى في جوهرها عملية تحيل سياسي على الشعب. كما اعتبر أنه من الضروري أن تتوقف مشاركة كل تونسي أو تونسية في الانتخابات التشريعية عند سؤال مهم وهو “هل هناك من المترشحين (متحزبين أو مستقلين) يعلن صراحة إدانته للسياحة الحزبية والتعهد الصريح بعدم الانتقال من حزب إلى حزب أو من مستقل إلى حزب معين؟”. تجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث نواب الشعب غيّروا كتلهم البرلمانية، فعلى217 نائبا تنقل 74 من كتلة إلى أخرى، ومن بين هؤلاء النواب مجموعة تنطبق عليهم تسمية “النواب الرحل” لأنهم غيّروا كتلهم مرتين أو ثلاث أو أربع مرات. ويعتبر حزب نداء تونس بؤرة السياحة الحزبية منذ سنة 2015 وسرت العدوى إلى حزبي أفاق تونس والوطني الحرّ. ويعتبر النواب “الرحّل” أنه لا عيب في التنقل بين الكتل ما دام الدستور لا يمنعهم من ذلك.