رغم أن تونس تعدّ أول بلع عربي يصادق على قانون مناهض للعنصرية والذي يقرّ عقوبات مشددة تصل إلى السجن في حق من يُدلي بخطاب عنصري على أساس اللون أو الجنس أو الدين، إلاّ أن أشكال التمييز العنصري لا تزال موجودة في تونس. ولعل ما لاقته النائبة عن البرلمان جميلة الكسيكسي مؤخرا من نعوت عنصرية من طرف أنصار الحزب الدستوري الحر أبرز مثال على ذلك. وفي ما لا يزال سمار البشرة يمثل مادة دسمة للمتنمرين في تونس للسخرية والتهكم والتشبيه المشين للعبيد، احتفى العالم أمس السبت بتتويج الجاميكية تونى آن-سينج وهي من السمراوات بلقب ملكة جمال العالم لسنة 2019، في رسالة جاءت لتؤكد أن العالم تجاوز تشبيه السمر بالعبيد إلى أبعد من ذلك حيث أصبحن ينافسن أصحاب البشرة البيضاء على لقب الجمال ويفزن به. وتشهد معايير الجمال فى العالم تغيرًا ملحوظًا خاصة فيما يتعلق بمسابقات ملكات الجمال، التى اتجهت هذا العام للحسناوات ذوات البشرة السمراء، وذلك فى رسالة قوية من هذه المسابقات العالمية نحو القضاء على العنصرية وتغيير معايير الجمال “الكلاسيكية”. أمّا في تونس ورغم القوانين الصادرة والمجرمة للتمييز العنصري، لا يزال البعض ومن بينهم من يحسبون أنفسهم من الطبقة المثقفة يسخرون من السمر وينعتونهم بأسوأ النعوت، الأمر اذذي واجهته مؤخّرا النائبة عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي. وقالت الكسيكسي في تصريحات إعلامية، إنها تعرضت إلى هجمة شرسة من قبل أنصار الحزب الحر الدستوري وقياداته، فيها تمييز عنصري، بسبب لون بشرتها الأسود على خلفية المناوشات التي جدّت داخل قاعة الجلسات العامة في مجلس نواب الشعب مع رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي. وأضافت الكسيكسي في تصريح أن المنظمات العالمية التي تعني بمناهضة التمييز اتصلت بها لتقديم إيضاحات حول الحادثة، معتبرة أن التمييز العنصري الذي تعرضت له يندى له الجبين في حق عضو بالبرلمان وهذا أمر مخجل للدولة التونسية لأن وجود “ذوي البشرة السوداء داخل البرلمان وفي الحياة السياسية يجب أن ينظر له على أنه إضافة نوعية لا أن يكون مدعاة للسب والشتم والسخرية”. و بتاريخ 9 أكتوبر 2018، صادق البرلمان على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصريّ، ويسعى المشرع التونسي من وراء ذلك إلى تعزيز منظومة حقوق الإنسان في البلاد، من خلال سن تشريعات تولي عناية بالأقليات المضطهدة على غرار أصحاب البشرة السوداء والأفارقة المقيمين بتونس.