عرفت تونس خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أكثر الأوبئة فتكا في تاريخها وتاريخ العالم، ومنذ انتهاء وباء الكوليرا الذي انطلق في عهد أحمد باي فإنّ تونس لم تعرف انتشارا كبيرا للأوبئة. وفي ما يلي أخطر الأوبئة في تاريخ تونس: طاعون 1702-1705 بدأ انتشار الطاعون خلال آخر أيام الدولة المرادية وانطلق من جزيرة جربة في ماي إلى سبتمبر 1702، ليضرب مدنًا أخرى مثل صفاقس من ماي إلى جويلية 1703، ثم اجتاح شمال البلاد ومنطقة الساحل عام 1704. ودام الوباء في العاصمة تونس مدة 6 أشهر. لا يوجد تحديد لعدد الوفيات بسبب موجة الطاعون ولكنه حصد أرواح عديد التونسيين طيلة تلك الثلاث سنوات. طاعون 1784 – 1785 عرفت تونس أسوأ وباء في تاريخها بين سنتي 1784 و1785 حيث حصد الوباء مئات الآلاف من السكان وقد انتشر بعد عودة 150 حاجّا عبر ميناء الإسكندرية عام 1783 مات منهم 10 في السفينة التي حطت في ميناء تونس ومنها انتشر الوباء القاتل في البلاد. حصد الوباء أرواح تونسيين بمعدّل 90 حالة وفاة يوميًا في العاصمة، وارتفع المعدل ل300 حالة وفاة في سوسة والمنستير وجمّال، وأغلقت البعثات الديبلوماسية أبوابها. لم تنخفض موجة انتشار الوباء إلا في فصل الصيف بتسجيل معدل بين 12 و18 وفاة يوميًا في شهر جويلية 1784 ثم لم تُسجّل أي حالة وفاة في جميع جهات البلاد في شهر أوت الموالي. ثم انحسر انتشار الوباء بشكل كبير في سبتمبر وأكتوبر في تونس العاصمة ولكن سرعان ما عاد للانتشار في الكاف الذي حصد أرواح ثلث سكانها وأيضًا في الساحل، ولم ينته شهر أكتوبر حتى عاد الوباء للانتشار بقوة مجددًا بما في ذلك في تونس العاصمة حاصدًا أرواح 18 ألف من سكانها منذ بدء انتشاره. وحلت سنة 1785 وقد انتشر الطاعون بقوة خاصة في الشمال الغربي والعاصمة التي سجلت معدل وفيات بين 200 و250 حالة يوميًا طيلة شهري جانفي وفيفري 1785 وواصل الوباء اجتياحه بشكل مهول في فصل الربيع ليصل لمعدل 500 حالة وفاة يوميًا في شهر ماي من نفس السنة ثمّ تراجع حتى اندثر تماما في أوت سنة 1786. طاعون 1794- 1800 بعد نحو عشر سنوات، عاد وباء الطاعون ليجتاح تونس لكن هذه المرة دام فقط 6 أشهر ولم يكن قاتلًا كما كان قبل عقد من الزمن. ولكن ظلت مناطق شرق البلاد وجنوبها آمنة مقابل انتشار الوباء في العاصمة وقيل أنه لا توجد عائلة في شهر جويلية من ذلك العام لم تذرف الدموع على أحد أفراد عائلتها، قبل أن يتراجع انتشاره في شهر أوت. وواصل الوباء يظهر كل عام ويضرب في كل مرة جهة من جهات الإيالة التونسية، حتى عام 1798 ثم عاد بشكل محدود عام 1799 وتكرر انتشار الطاعون عام 1800. طاعون 1818 – 1820 شهدت تونس موجة جديدة لوباء الطاعون عام 1818 تحديدًا انطلاقًا من شهر أكتوبر ليستمر انتشاره طيلة عام كامل إلى غاية سبتمبر 1819 ولكن دون اندثاره، لننتظر عاما آخر حتى أعلن الأطباء بصفة رسمية من قصر باردو في سبتمبر 1820 خمود وباء الطاعون الذي اجتاح البلاد طيلة سنتين بعد عدم تسجيل أي حالة وفاة منذ أوت 1820. حسب إحصائيات لقنصلية توسكانا الإيطالية في تونس، فقد حصد الوباء بين 11 نوفمبر و21 ديسمبر 1818 حياة نحو 9 آلاف شخص في تونس العاصمة فقط، وحصد الطاعون في ظرف سنتين ربع سكان العاصمة الذين كانوا آنذاك حوالي 120 ألف ساكن. كوليرا 1849 – 1850 خلال فترة المشير أحمد باي باشا انتشر وباء الكوليرا انطلاقا من سنة 1849 وبدأ في جهة باجة ممّا أدى لمئات حالات الوفاة في المدينة، وهرب الناس للأرياف في الجهة هربًا من الوباء الذي واصل انتشاره عام 1850 في تونس العاصمة وارتفعت حالات الوفاة بمعدل 100 وفاة كل يوم. اضطر الباي لعزل نفسه في قصر المحمدية، وهربت أفواج من الجالية اليهودية إلى الجزائر وفرنسا، وتواصل انتشار الوباء في الربيع ثم بداية الصيف لينتهي في أوت 1850 غير أنّه عاد من جديد سنة 1856 خلال فترة محمد باي وانطلق من جزيرة جربة ثم منطقة الساحل ووصل في منتصف شهر جويلية تونس العاصمة، وتقول بعض الإحصائيات إن الوباء أفنى في ذلك العام نحو 6 آلاف شخص.