... ودعت العائلة الأمنية صبيحة يوم الأحد أحد أبنائها البررة الذي عمل لسنوات طويلة في مجال مكافحة الجريمة... وهو المحافظ الأعلى الأسمر الطرابلسي الذي عرفته قبل سنوات طويلة بحكم اختصاصي في تغطية أهم النجاحات الأمنية في مكافحة الجريمة المنظمة.. الأسمر الطرابلسي الذي ودعناه الى مثواه الأخير بمقبرة الجلاز في موكب بكاه فيه أصدقاؤه الذين عايشوه طيلة عقدين من الزمن. ولمن لا يعرف الفقيد فهو رئيس مصلحة بالإدارة الفرعية للقضايا الاجرامية بإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني وهو من مواليد يوم 5 مارس من سنة 1956. الأسمر الطرابلسي ساهم بحكم اختصاصه رفقة زملائه في كشف العشرات من الجرائم الكبرى التي هزّت الرأي العام التونسي فكان مثالا ايجابيا لرجل الأمن الذي أفنى سنوات شبابه في خدمة العدالة. ... طيلة تلك السنون لم يأخذ منه التعب او الارهاق لليال طويلة بحثا عن قاتل او عن مجرم خطير فكان دوما ضاحكا... حاملا ابتسامته معه في كل مكان... متفانيا في وظيفته التي اعطاها من وقته الشيء الكثير وهو ملتزم بواجباته الدينية وحجّ الى بيت الله الحرام. ودّعنا الأسمر الطرابلسي جسدا لكنه لم يودعنا إسما وعنوانا لمسيرة سنوات من النضال في مكافحة الجريمة... وإعادة الحقوق الى أصحابها ونصرة المظلوم. ... ومن لا يعرف الأسمر الطرابلسي فليسأل عنه تلك العائلات التي استرجعت بفضل تخطيطاته وتفاني أعوانه ما سلب منها وما تم افتكاكه بالقوة. من لا يعرفه فليتذكر فقط سلسلة السرقات والسطو المسلّح التي استهدفت بنوكنا ومقرات البريد والذي عمل جاهدا لأيام طويلة لكشف خيوطها وإيقاف المجرمين فيها... وغيرها من القضايا الكبرى التي كانت ضد مجهول منها قضية الطفل منتصر التي هجر بسببها منزله طيلة 50 يوما للكشف عن المجرمين. كثيرة هي قائمة الجرائم الغامضة التي تمكن بفضل خبرته ووفائه لعمله من انجاحها كما هي كثيرة خصاله التي نعجز عن عدّها. ودّعناه الى مثواه الأخير بحرقة في القلب ودمعة في العين... لكن تاريخه الحافل بالنجاحات الأمنية بقي وسيظل حيّا شاهدا على ما قدّمه لفائدة الوطن. حبّ تونس... وجيعة كبرى حبّ تونس ليس سهلا على من آمن بأن الوطن هو الأم... وأن الوطن لا يستحق أن ترتع فيه أذيال الخونة. حبّ تونس ليس سهلا أبدا لذلك حين نبتلي به تكون الوجيعة أكبر من أن تحمل فنخيّر الرحيل على أن نراه يتعذّب من أبنائه. وداعا الأسمر الطرابلسي... وداعا يا رجلا تركت الألم في القلب لكل من عرفك.. وداعا لك هو الأخير.. وصبرا لشيراز رفيقة دربك وحب حياتك ولوالدتك الثكلى ولطفليك من بعدك ولعائلتك الأمنية الموسعة ولكل من رافق مسيرتك طيلة تلك السنون. رحلت وستظل حيّا بذكراك.. وسيبقى مكتبك مفتوحا وفريقك يعمل كما لو كنت بينهم اليوم... لأنهم أبدا لن ينسوك... ولن ينسوا تلك الابتسامة التي كانت تمنحهم الكثير من العزيمة والقدرة للمضي قدما في العمل. نم أيها الصديق فتونس ستكون بخير... نم بأمان... فنحن مازلنا في دار الباطل... نم في هدوئك الذي عرفناه فيك... شجاع لا تثنيه التعليمات.. أقول لمن لم يعرفك يوما ما ولمن لم تشأ الظروف ان تلتقيهم وتونس في مخاض الحرية... اننا خسرناك... خسرنا رجلا أحبّ تونس الى حدّ الموت. ٭ صديقتك دائما سميرة الخياري كشو