الكتاب يمكّنك من السفر حتى إن لم يُتح لك فرصة الذهاب في إجازة. وهو يساعدك على التمتّع أكثر باجازتك إن ذهبت في اجازة. لذلك رأينا أن نقترح عليك كل يوم كتابا حتى يكون للمطالعة، التي تبقى أهم نشاط انساني، في صيفك نصيب. من أشهر الروايات العالمية للأديب الفرنسي الشهير شاتوبريان، كتبها سنة 1810م، لكنه لم ينشرها إلا سنة 1826م ثأثر بها التيار الرومنسي بما بثّ فيها من قوّة الخيال وأناقة الأسلوب وتوهّج العواطف وجمال الصور. يراها النقاد مستوحاة من حياته في علاقته بحبيبته ناتالي وبعائلته التي أضرّت بها الثورة الفرنسية سنة 1789م فعاش عيشة المنفى والاغتراب والحنين إلى الوطن والفقر إلى أن تحسّنت أحواله بشهرة أعماله وبخدمة نابليون ثم شارل العاشر لمدّ تين وجيزتين. وقارؤها في الطبعتين المتوفرتين في تونس بتعريب شكيب أرسلان (دار المعارف، سوسة 1999) أو بتعريب إبراهيم حمادو (منشورات سعيدان) و(مركز النشر الجامعي 2006 مع الأصل الفرنسي) يكتشف أن مؤلفها استوحاها من سفريته إلى غرناطةوتونس سنة 1807م ومن مطالعاته عن تاريخ أواخر مسلمي الأندلس منذ سقوط غرناطة سنة 1492م. امتزج التاريخ بالخيال وبالأسطورة في قصة غرامية ربطت ابن حامد حفيد عائلة بني السراج الغرناطية التي آلت بها الهزيمة من الارستقراطية إلى النهاية المأساوية، ربطته بالجميلة بلنكا أو أدماء أي البيضاء سليلة أبطال إسبان قاوموا الحضور العربي الإسلامي. فماذا يستطيع الحبّ أن يفعل أمام الفوارق العرقية والدينية والعداوة التاريخية؟ قالت له عندما عاد إليها في غرناطة بعد زيارته لتونس: «لا بدّ أن تدرك أنك رجل مغربي مسلم عدوّ، وأنا مسيحية اسبانية» وأضافت مقترحة عليه، أيها المغربي، خفّف عنك فإنما الحيلة في ترك الحيل. وأنت قد قرأت على لحاظي سورة حبّك، وفهمت أن جنوني بك فوق كل حدّ. ألا فكن مسيحيا، وأي مانع من أن أكون لك؟» (ص66 ط. دار المعارف، ص 36 ط، مركز النشر الجامعي بالاشتراك مع منشورات سعيدان، سوسة).