قبل ثلاث او اربع سنوات كان التونسيون يتابعون عبر شاشات الفضائيات وعلى شبكات التواصل الاجتماعي طوابير المواطنين في اليونان وفي ليبيا امام البنوك للحصول على مبالغ مالية من حساباتهم الخاصة، ففي ليبيا مازال الوضع متواصلا طوابير امام البنوك دون ان يحصلوا على شيء من اموالهم! والى وقت قريب كنا نعتقد كتونسيين ان هذا لا يحدث إلا لدى الغير كما يقول المثل الفرنسي ولكن منذ يوم السبت الماضي والى غاية امس الاربعاء وبشكل اقل نسبيا يوم الاثنين يعيش التونسيون حالة من المرارة والخوف فمعظم الموزعات البنكية في العاصمة لا تعمل والموزعات القليلة التي تعمل لا تتوفر فيها السيولة حتى انك تحتاج الى معجزة للحصول على مبلغ مالي مهما كان بسيطا! يحدث هذا بالتوازي مع ازمة جرايات المتقاعدين وتضارب التصريحات والوعود الكاذبة للحكومة التي ترفع شعار مكافحة الفساد وارتفاع مؤشر التضخم وتراجع مخزون العملة الصعبة الى سقف لم تعرفه البلاد طيلة تاريخها! إن الوضع الاقتصادي يؤشر الى كارثة حقيقية تنتظر البلاد مع العودة السياسية والاجتماعية والغريب ان الحكومة تواصل سياسة الهروب الى الامام وتمارس «النوم في العسل» وكانها غير معنية بما يعانيه المواطن التونسي بسبب انخفاض قيمة الدينار وارتفاع الاسعار وغياب الرقابة. وما يثير الانتباه حقيقة هو صمت الحكومة فلا محافظ البنك المركزي قدّم إيضاحات حول الوضع الكارثي للاقتصاد ولا رئيس الحكومة ولا وزير المالية الى الحد الذي اصبح فيه المواطن يشعر بان البلاد بلا رئيس ولا حكومة! فكل المعطيات تشير إلى اننا مقبلون على عاصفة حقيقية ستكون حصيلتها لا قدّر الله كارثية على جميع المستويات مع توقعات باضطرابات جوية قد تتسبب في فياضانات في غياب بنية اساسية قادرة على استيعابها يضاف الى ذلك الأزمة السياسية المتواصلة والتي لا تؤشر لاي امل في التجاوز او الخلاص. في وضع كهذا ليس لنا إلا التذرع الى الله على طريقة المتصوفة بان يحمي الله تونس من شر ابنائها الذين قادوها كل بطريقته ومساره الى الهاوية!