أكّدت مصادر مطّلعة ل"الشروق" أنّه من غير المستبعد أن تشهد الأيام القليلة القادمة مفاجآت إيجابيّة متعلقة بعلاقة الشيخين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي. تونس «الشروق»: ففي ظل استمرار الأزمة السياسيّة وتعقّد الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصعوبات التي باتت تواجه الشراكة بين حركة النهضة ويوسف الشاهد رئيس الحكومة والتي انتظرها كثيرون لحلحلة الوضع الحكومي والسياسي، وخاصة بعد تفجّر الخلاف حول مضمون التحوير الوزاري وتوقيته ودخول لاعبين جُدد الى المشهد وتواصل غموض المشروع السياسي للشاهد، أكّدت مصادرنا وجود مساع غير معلنة لإعادة التوافق بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى مساره الصحيح بشكل قد يُؤدّي إلى اتفاق شبيه باتفاق باريس سنة 2013 يضمن استكمال ما بقي من مستلزمات الانتقال الديمقراطي وإجراء الانتخابات القادمة في موعدها ويشمل أيضا مرحلة ما بعد تلك الانتخابات، وهو ما سيسمح بفضّ الأزمة السياسيّة الراهنة وبالتالي ترتيب البيت الوطني على قواعد صلبة ومتينة وبروح توافقيّة عالية جدا بعيدا عن الأزمات والتجاذبات السياسية والطموحات الشخصية لهذا الطرف أو ذلك. تطورات سلبيَّة وحكمة وقد أكدت مصادرنا أنّ المساعي الحميدة بين الشيخين لم تنقطع منذ أسابيع وتتقدّم بشكل بطيء وأنّها في غضون كلّ ذلك لم تتأثر بالتطورات السلبية التي شهدتها العلاقة بين الطرفين نتيجة الاختلاف حول استكمال مسار وثيقة قرطاج2، وايضا المسافة التي أخذتها قيادة النهضة من حركة نداء تونس نتيجة ما يعيشه هذا الحزب من تجاذبات رغبت حركة النهضة أن تكون في منأى عنها ونتيجة خطاب شيطنة اعتمدته قيادات ندائيّة منذ الانتخابات البلديّة الأخيرة رفضت النهضة حتّى مجرّد التشهير بها. وأكّدت مصادر الشروق أنّ المساعي التي تمّ إجراؤها الى حدّ الآن قد تكون لقيت تفاعلا من الجانبين وقد تفضي قريبا إلى «مفاجآت» إيجابية، خاصة بعد أن أكدت النهضة انها لا تتأثر بمحاولات الابتزاز والتخويف ولا تعير اهتماما إلى خطاب التحريض ضدّها والتشكيك في موقفها من الاستقرار الحكومي أو غيرها من المواقف، وفي ظل تمسّكها، قيادات ومؤسّسات، بعلاقتها الجيّدة بالباجي قائد السبسي تدليلا على أنّها ليست علاقة ظرفيّة أو انتهازية أو أنّها مبنية على الحاجة إلى مظلة أو حماية، بل هي علاقة تواصل مفتوحة وهي تبقى دائما فوق كلّ التجاذبات والاعتبارات الضيّقة مثلما أكّد ذلك القيادي العجمي الوريمي مؤخرا بأنّ خط التواصل مفتوح بين رئيس الجمهوريّة ورئيس حركة النهضة وأنّهما لا يحتاجان حتّى لمجرّد الوساطة بحكم ما لهما من حكمة وحسن تقدير للأوضاع والثقة المتبادلة بينهما وحرصهما المشترك على خدمة الدولة والشأن العام وحماية مسار الانتقال الديمقراطي. كما أكّدت العديد من الأحداث والمعطيات أنّ رئيس الجمهورية محافظ على مكانته الدستوريّة كرمز للدولة التونسيّة وممثل لكلّ التونسيين على اختلاف انتماءاتهم وأحزابهم وأنّه حريص على الحوار والتواصل مع الجميع بما يُحقّق الفائدة للبلاد أوّلا وأخيرا، وهذا الاعتبار جعله «يُقاوم» وبشراسة محاولات دفعه للقطيعة مع الغنوشي من عديد الجهات التي عملت على الاستثمار السياسوي للأزمة، وأبرزه أيضا خطاب الرئاسة حول «العلاقة الشخصية الوطيدة» بين رئيس الجمهوريّة ورئيس حركة النهضة الشيء الذي لم يثر وقتها أي اهتمام في زحمة التحريض والتحريض المضاد. ولئن رفضت مصادر الشروق الكشف عن خفايا هذه المساعي ومن يقف وراءها تحديدا، فقد تأكّد للشروق، ومثلما نشرت ذلك سابقا، قيام سليم الرياحي رئيس الاتحاد الوطني الحر سابقا والأمين العام لحركة نداء تونس بلقاءات منفردة بين الشيخين لخفض التوتّر وتقريب وجهات النظر وتليين المواقف بينهما وعبّرت حينها مصادر مقرّبة من الرياحي عن ثقة الرجل في مساعيه وقدرته على إنجاز أشياء عمليّة وناجعة. ومن المهم الإشارة في هذا الصدد، الى أنّ عديد المصادر تحدّثت بداية هذا الأسبوع عن لقاء مرتقب بين الشيخين، غير أنّ مستجدات في علاقة بأجندة الأنشطة الرئاسيّة للسبسي والحزبيّة للغنوشي قد تكون أرجأت اللقاء الى موعد ثان. يُذكر أنّ جميع الأطراف الوطنية الجادّة والمسؤولة عبّرت في فترة سابقة عن تخوّفات حقيقيّة من فرضيّة تعطّل نهائي لسياسة التوافق في البلاد، واساسا بين الشيخين، مؤكّدة الحاجة الملحّة والعاجلة لاستئناف سياسة التوافق وتفعيل آلياتها المختلفة لضمان استقرار الوضع والخروج من واقع الأزمة إلى أفق إيجابي يفتحُ آمالا للشراكة الواسعة والعمل الجماعي.