كان في الزمن الغابر في السنة الثامنة بعد الثورة الموافق لسنة 2018 بعد الميلاد، خليفة لمدينة هادئة جميلة قرب عاصمة كانت تسمى تونس، كانت في ذلك العهد عاصمة معروفة رغم صغرها لقد اشتهرت بكونها اول من عتقت العبيد وهي أول في ذلك العهد من بدأت الثورة وفيها صنعت الثورات العربية التي تلت ثورة البرويطة، كتبت أول دستور ثوري لا مثيل له، نجحت في تطبيقه، وافرز خليفة لكل بلدية ودولة تسير بثلاثة رؤوس فلا أحدا يحكم ولا أحدا يسوس. قرر خليفة ذلك العصر ان ينظم طرق الزواج وباقي أمور الرعية، فهو الخليفة ولأول مرة منذ خلق البشرية منتخب ومنصب بصفة قانونية، جلس على كرسي الخلافة وطلب من الحاجب ادخال المشتكيين من الرعية، دخل اول الشاكين وكان مواطنا معتنقا الديانة المسيحية مؤمنا بالله خالق الكون وكل البشرية، اقترب الحاجب من الشاكي ووشوش له ولقنه فن وآداب الدخول على الخليفة رئيس البلدية وقال: "قبل الأرض تسع مرات امام حضرته، ثم أكب على الخليفة المنتخب وقبل يديه ورجليه ولا تحدق في عينيه". عرض الشاكي ما يعاني بعدما انحنى امام الخليفة وقال: «سيدي الخليفة الحاكم بأمره ،أني مواطن مسيحي تزوجت من تونسية مسلمة قبل يوم من تنصيبكم خليفة وقبل إفتائكم وقراركم الفضيحة، وقد رفض كاتبكم إتمام الاجراء مستندا على فتواكم الجائرة " ، حدق اليه الخليفة ورماه ببلغته الخفيفة ثم قال:" لقد وكلني الله بأمور الرعية في شرق وغرب البلدية وفي جميع جهاتها، وفوق ارضها وتحت التكية"، وطلب من الحاجب استدعاء الجلاد قبل اخذ القرار واجابة الشاكي على ما صار، امر الجلاد بجلد الشاكي والطالب لحقه في إتمام الزواج، أغمي على المسكين من الجلد فما فاق، تم استدعاء طبيب الخليفة تفحصه الطبيب ومن الغيبوبة أنقض المظلوم صاحب الشكوى وعارض القضية على خليفة الدار صاحب البلدية التي أصبحت بفضله تكية،سأله الخليفة قررت جلدك خمسة جلدات عن كل يوم زواج فهل انت مصر على وثيقة عقد الزواج، بكى الشاكي وهو يقول ويصيح لا يا سيدي الخليفة، لهذا الزواج لم اعد ارغب وأريد، لقد انتخبتك لرئاسة البلدية ولم انتخبك خليفة، انتخبتك لنظافة الحي والسهر على راحتي وبقية الاجوار، لا لتفريق الناس والأحبة وجلدهم واحداث الدمار. خرج المسكين وهو ينوح وعلى انتخابه للخليفة نادم، اعترضه جاره امام باب البلدية او التكية ولقصته حكى، ضحك الجار ومن كثرة الضحك لفت انتباه حاجب البلدية، فسأله عن سبب ضحكه وقهقهته، اجابه وقال انقضني جاري والقدر من العقاب والدمار فقد كنت عازما على كتابة عقد زواجي بالتكية وخطيبتي تونسية وديانتي بوذية، ساتزوج من جنية الى ان تحل القضية. نادى الحاجب عن الشاكي التالي ، كانت امرة صبية لقنها الحاجب فنون واداب الدخول على سيدنا الخليفة حفظه الله ، اتمت ما طلب منها من تحية وتبجيل وتذلل للخليفة الذي رحب بها وقال:" ما قصتك يا امراة ، اجابته وقالت:" سيدي خليفة عصره ادام الله ملكك وعرشك انا فتاة مسيحية كاتوليكية اعبد الله ككل العباد وقررت الزواج من مسلم فطلب مني ان اعود عن ديني واكفر به واكون مسلمة ليتم عقد الزواج وانا لديانتي لن اغير فما الحل وانا عاشقة محبة لحبيبي المسلم ما افرط". اجابها والى عينيها حدق:" انا ﻻ اعقد زواج في هاته الحال وعليك ان تستسلمي الى القرار وان تتعهدي بعد اتمام الزواج بان تسمي اولادك علي وعبد الغفار. صاحت وغضبت الصبية وخرجت وهي تقول انت بلية ولست رئيس بلدية، سوف اترك لك قوانينك والتكية واذهب الى اتمام مراسيم الزواج بالكنيسة. مسكين المواطن كم يعاني، يحكم بمثل هؤلاء الخلفاء المنتخبين بالشرعية والقانون ومع الأسف عن طريق الصندوق يخرج الاحمق والمجنون، اما المجنون فمكانه معلوم، اما الاحمق فلا يوجد له دواء وقد قيل في الحمق ما قيل: «احذر الاحمق ان تصحبه انما الاحمق كالثوب الخلق كلما رقعته من جانب زعزعته الريح يوما فانخرق» صلاح الشتيوي (سليمان 18 أوت2018)