بقلم أ. سناء السخيري رئيسة الغرفة الوطنية للناقلين الجويين باتحاد الصناعة والتجارة من المؤكّد أنّ العالم يسير في مناحي عديدة منه نحو استنباط صيغ جديدة يفرز بعضها نجاح التجربة ويلغي بعضها الآخر فشل التجربة. على أنّ الأكيد هو غنم العالم المتقدّم لزبدة التجارب الناجحة وتكرار العالم الأقل حظوة لتجاربه الفاشلة واكتفاءه بتصنيفه بالعالم النامي باستثناء بعض الفلتات التي أمكنها النجاح وحصدت التقدّم والازدهار. على أنّ ما يمكن ملاحظته بيسر هو التكرار المتواصل لكلمة ألفناها جميعا و هي «العالم النامي» والحال أنّ أغلب دوله تشكو فقدا ذريعا للنمو ومع ذلك تصنّف به وكان الأجدى والأجدر تسمية الأشياء بمسمياتها حتى لا تكون التصنيفات مجرّد يافطات لرفع المعنويات. ومن الواضح والأكيد أنّ بلادنا تقع في الصف الثاني من التصنيف الدولي للأقطار بمعنى دولة نامية ؟! لقد كان حريا بنا وخاصة منذ عقود أن يكون المجهود أكثر وأن يكون العمل أزيد إضافة إلى خسارتنا لوقت طويل ولزمن غير قصير في ملاعبة التجارب وفي مداعبة الحديث عن كوننا معجزة قارية أو يابان إفريقيا لنستفيق من حلمنا على واقع مزعج إن لم نقل مفزع. فمجرّد أمطار هاطلة توقف كل شيء وتعطّل كل شيء وتصيب البلاد بشلل تام والحال أنّ دولا نتصوّرها أدنى منزلة منا وأقل مكانة نراها اليوم وهي تتحدّى الطبيعة وتقهر الفقر والعوز وتتجاوز الثغرات الكامنة في هياكلها. دول عديدة تعيش في لجّ الأعاصير الطبيعية والتقلبات الجوية المرعبة وهي بين طوفان وأمطار موسمية ومع ذلك لم تنثني بينما رأيتم المناخ وقد عرّى ما حدّثونا سابقا أنها إنجازات ضخمة ومشاريع رائدة تنتمي كل واحدة منها لعهد سعيد لم ينجب الدهر مثيلا له. لقد بان بالكاشف أنّ بنيتنا التحتية مهترئة ولا تواكب العصر فتعبيد الطرقات شديد الرداءة والجسور الماثلة هي دون البدائية على صعيد المتانة والقدرة على التحمّل. إنّنا حيال غول الغشّ ومارد فقد الضمير. ولو صلنا وجلنا أكثر في هذه المتاهات لطال التفسير ولاتسع التحليل دون أن نصل إلى نتيجة مع أولئك الذين لا همّ لهم إلا تكديس المصالح وتكريس الأنانية. وحتى لا يطول مجال السوداوية فإنّ الواقع يفرض علينا التفكير بعمق وبصدق حتى نكون إيجابيين ونسهم ولو بالفكرة في صيانة الواقع الأفضل. وكدأبنا في تقديم أو محاولة تقديم الإضافات الاقتصادية فإننا نؤكّد أنّ الاختلاط المبالغ فيه بين أمزجة السياسيين وحتى تبعثرهم وتعثّرهم المتكرّر لاسيّما خلال السنوات الأخيرة يدفعنا إلى الحديث عن تخصّص في المجال الاقتصادي يحصّن هذا المجال ويجعل الأخطاء أو الهفوات السياسية لا تصيب عمق النسيج الاقتصادي ولا تؤثّر على أسّه. إنّ الاقتصاد في هذا العصر هو المجال الحيوي للبلدان لاسيّما لمجتمعاتنا. إنّ التخصّص والتحصين قاعدتان ذهبيتان لتأكيد نجاح البلدان وهو ما توصّلت إليه البلدان المتقدمة تلك التي جعلت مجالاتها الحيوية بمعزل عن التداعيات وبعيدا عن التقلّبات...حول التخصّص وتحصين المجالات الحيوية سيكون محور مقالنا القادم.