يبدو أن جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي البشعة والمؤلمة قد وضعت منطقة الشرق الأوسط على فوهة بركان خاصة مع تنامي التهديدات الأوروبية والأمريكية بفرض عقوبات على الرياض. وهو ما سيخلق وضعا من عدم الاستقرار في المنطقة ككل خاصة أن السعودية هي العمود الفقري للدول العربية بثقلها السياسي والاقتصادي. ورغم ثبوت معالم جريمة خاشقجي واعتراف السعودية بهذه الجريمة وفتحها تحقيقا وإقالة عدد من المسؤولين المهمين في أركان النظام الا أن الأمريكيين والأتراك والأوروبيين لم يشف غليلهم بعد. ويواصلون حرب الضغط لنيل أكثر ما يمكن من مكاسب خاصة على المستوى الاقتصادي . فالرئيس الأمريكي مثلا يندد أمام الإعلام بجريمة مقتل خاشقجي وفي الخفاء تواصل إدارته الاستثمار وإبرام العقود مع الرياض. وهو ما يؤكد العقلية الابتزازية التي تتعامل بها أمريكا مع السعودية والخليج بصفة عامة . وفي العموم فإن الأزمة السعودية الحالية يجب أن ترافقها رجة إيجابية لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة. فداخليا يجب على الرياض الاعتناء أكثر بملفات حقوق الانسان بعيدا عن الابتزاز الغربي الموجه. أما خارجيا فعلى الرياض إعادة التفكير في التحالفات الاقليمية والدولية وربط شبكة جديدة من العلاقات مع الدول العظمى وعدم الاكتفاء بالحليف الأمريكي الذي أثبت في أكثر من مناسبة أن مصالحه قبل مصالح حلفائه ...وفي خضم هذه الأزمة وفي علاقة بالتحالفات السعودية الجديدة كشف الإعلامي السعودي ومدير قناة "العربية" تركي الدخيل أن السعودية قد ترد على الضغط الأمريكي بالتحالف مع روسيا والصين و"حزب الله" وايران. وهو سيناريو كارثي بالنسبة الى أمريكا وأوروبا. حيث قال الدخيل في مقال نشر على موقع قناة العربية :» روسيا والصين بديلان جاهزان لتلبية احتياجات الرياض العسكرية وغيرها. ولا يستبعد أحد أن تجد من آثار هذه العقوبات قاعدة عسكرية روسية في تبوك شمال غرب السعودية . كما أن الاقتراب لهذا الحد من روسيا سيؤدي الى الاقتراب من إيران وربما التصالح معها». ووسط هذه التكهنات الإعلامية والحرب الابتزازية الأمريكية والتركية والأوروبية ضد المملكة العربية السعودية يجب التأكيد دائما أن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي جريمة يندى لها الجبين. ولا يجب أن تمر مرور الكرام. بل يجب محاسبة كل الضالعين في هذه العملية. وفي نفس الوقت يجب الحذر من تحول هذه الجريمة الى مطية لضرب استقرار أي دولة عربية .