بعد أن تمكّنت حكومة الشاهد من نيل رضاء مجلس النواب أمس الأوّل، تكون التّعلاّت التي تتحصّن بها الحكومة وبعض الأحزاب، من أن هناك ضررة الاستقرار الحكومي، تكون التعلاّت قد انتفت جُملة وتفصيلا... إنّ التكليف مكلف... وهو مسؤولية ثقيلة... إذ صحيح أن التونسيين في أغلبيتهم لم يجدوا إجابات على أسئلة يبعثون بها يوميا، في الشارع وفي المكتب وفي كلّ فضاء عام وخاص... ولكن رغم ذلك فإنّ الإشارة الآن تبدو صادرة عن الجميع ومفادُها التقدّم إلى الأمام من أجل تطبيق الوعود وتحقيق ولو جزء من مطالب الشعب التونسي.. وبالرّغم من أن تعيين السيد يوسف الشاهد لم يكن من داخل مجلس نوّاب الشعب ولا علاقة عضوية في تعيينه مع المسار الانتخابي (تمّ تعيينه في مفاوضات قرطاج 2) فإن تغيّر المشهد البرلماني من حيث الألوان الحزبية، قد ساهم في تمكينه من هذا التحوير.. ومن البقاء... الآن، وقد بان بوضوح أن التحوير الوزاري لم يكن سوى إعلانا عن تحالفات حزبيّة جديدة، فإن المطالبة جائزة ومتأكّدة من نوّاب الشعب، من أجل تأمين القانون المعلن عن تأسيس المحكمة الدستورية. لأن هذه المؤسسة الدستورية التي تغافل عن إحداثها المجلس لغاية في نفوس العديد من الأحزاب، هي عماد دولة القانون. وإنّ المحكمة الدستورية وحسب نصّ الدستور هي التّرجمان لمسار الديمقراطية وسنّة التداول على السلطة... لقد تهافتت وتصارعت قوى حزبية وأخرى في طور التشكّل طوال ستّة أشهر من أجل هذا الاستقرار الجديد للحكومة، فخسر التونسيون نصف سنة سياسية ونصف سنة اقتصادية وعُشر المدّة النيابية (5 سنوات) من أجل فقط تثبيت الخارطة الجديدة، والتي لا أجوبة فيها على مطالب التونسيين... إنّ هذه المرحلة الجديدة التي تلي التّحوير الحكومي، ستكون المسؤولية فيها مُلقاة على المعارضة وليس على هذه الحكومة. إذ أنه تبيّن بالمكشوف أن حكومة السيد يوسف الشاهد هذه، تأخذ بعين الاعتبار فقط الجانب العددي للنوّاب الذي يمكّنها حجمهم (109 أصوات) من خلال التصويت لها ليس همّها مدى تطبيقها كحكومة لجملة الوعود التي قدّمها رئيسها عندما نال ثقة البرلمان أوّل مرّة... إذن والحال على ما هو عليه الآن، يرى المراقبون أن دور المعارضة داخل البرلمان ودور مجموعات الضّغط، مثل اتحاد الأعراف واتحاد الشغالين، عليها كلّ هذه الأطراف تعديل الحكم في البلاد من أجل أن تلتفت الحكومة الجديدة إلى الإيفاء بإلتزاماتها، وإنّ الدور الرقابي للمعارضة ولمكوّنات المجتمع المدني والاجتماعي، هي التي ستكون المحرّك لدواليب الحكم في تونس... في الحقيقة، لا أحد من الأطراف الحاكمة الآن، له الحقّ في التّقاعس أو في الإفلات من المراقبة والمحاسبة، كما أن النوّاب من تحت قبّة البرلمان، لم يعد لهم أيّ عذر الآن في تطبيق نصّ الدستور، الذي نعرف جميعا أن أطرافا سياسية تلتجئ إليه عندما تريد أن تحصل على فتاوى تخدمها كأحزاب وتعزف عنه عندما يكون الأمر متعلّقا بخدمة المسار الديمقراطي.