عن أية دولة قانون ومؤسسات نتحدث وحرائق الفساد تلتهم القانون كما لو كان هشيما في غابة شعواء. وعن أية مؤسسات نتحدث وقد فقدت كل مياه ومواد ومعدات الإطفاء ومجابهة ما يعترضها من كوارث «التشليك» والتسيب. وهذه حالة قد تكون كافية كحجة إثبات على ما أقول: ما قولكم في من يبني بناية فوضوية بدون رخصة على أرض فلاحية دون تغيير صبغتها. قد يكون هذا معتادا ولكن أن يكون هذا البناء على حافة الطريق المرقمة على الملك العمومي دون مراعاة أخطاره القاتلة على حركة المرور فتلك مسألة فيها نظر. وقد يكون الأمر معتادا ولكن أن يفتح فيه مالكه مقهى دون المرور بكراس الشروط فهذا يعني الكثير. وقد يكون الأمر عاديا في الظرف العصيب الذي نمر به. وأمّا أن يكون البناء فوق قناة الشبكة الرئيسية لتوزيع المياه على المتساكنين وشركة توزيع المياه تمكنه من الماء الزلال فهذه الحال الصادمة لا تفسير لها سوى أن أهل المسؤولية تبرأوا من المسؤولية وتمسكوا بكراسيهم ورواتبهم وامتيازاتهم، وغطّوا وجوههم خلف دخان حرائق القانون. قد أكون مذنبا في حقهم، والحجّة على من نصبهم وهو عارف بأنهم أصغر من أن يكونوا حراسا شرسين للقانون أو أنه مدرك لا غاية له سوى تهرئة الدولة. أو أن القانون أصبح لا قيمة له أمام ما في جيوب المتطاولين عليه بدستور الوضعي للفساد والمستفحل في البلاد بأبوابه الثلاثة. رشوة وابتزاز ومحسوبية حزبية روحها «الأقربون أولى بالمعروف» الغنائمي. كل المسؤولين من أكبرهم إلى أصغرهم على بيّنة من أمر هذا التطاول على القانون وما يحرك لهم ساكن وكأني بهم أصبحوا العلبة التي تحتوي أعواد الكبريت التي تشعل القانون إلا من قزموا لهم المسؤولية ومنهم الوالي نفسه. القانون يحترق ولي أمل في أن لنا رجال مطافئ وطنيين قادرين على الإطفاء العاجل بما في ذلك النيابة العمومية. ألو... يا رجال المطافي: القانون يحترق في باجة فهبوا سريعا.
