يُعتبر قطاع تربية الأحياء المائية بالمنستير واحدا من أبرز القطاعات الاقتصادية بالجهة، وتتركز بالولاية مئات الأحواض المخصصة لذلك، ويشهد القطاع إقبالا متزايدا من المستثمرين، غير أن عوائق كثيرة تحوّل دون تطوّره. «الشروق» مكتب الساحل: ويقوم المركز الفني لتربية الأحياء المائية بالمنستير بدور الوسيط بين مؤسسات البحث العلمي والعاملين في القطاع، حيث يتم إخضاع مختلف مراحل الإنتاج للمراقبة، غير أنّ المركز يشكو أيضا من نقص في التجهيزات ممّا يحدّ من جودة أدائه. وتبلغ كمية إنتاج الأحياء المائية 20 مليون طنّ منها 5 ملايين طنّ موجهة للتصدير. وقال كاتب عام الجامعة الوطنية لتربية الأحياء المائية عمر الصامت إنّ هذا القطاع واعد ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني خصوصا أمام تراجع إنتاج الصيد البحري، غير أنه يشهد صعوبات إجرائية وقانونية وإدارية. وأضاف الصامت «مطالبنا متعدّدة منها تمكين المستثمرين في هذا القطاع من العمل في الملك العمومي البحري والتخفيض من المعاليم الديوانية والحدّ من الضغوطات الجبائية وجدولة الديون»، مؤكدا أن «عدة مطالب أُرسلت للوزارة بهذا الشأن دون تفاعل يذكر منها». ودعا الصامت وزارة الفلاحة إلى إيلاء هذا القطاع العناية اللازمة وإلى التجاوب مع المطالب المذكورة آنفا، معتبرا أنّ رفض الوزارة الاستجابة لهذه المطالب والتفاعل معها يضعها في موضع اتهام بأنها تمارس نوعا من التهميش لهذا القطاع حسب قوله. ودعا كاتب عام الجامعة الوطنية لتربية الأحياء المائية أيضا إلى حلّ الاشكال القانوني المتعلق بالشريط الساحلي وإلى التشجيع على التصدير ودعم كلفة النقل، مشيرا إلى أن عائدات هذا القطاع تتقلص من سنة إلى أخرى بسبب ارتفاع تكلفة الانتاج، محذرا من أنّ القطاع بات مهدّدا بالانقراض إذا ما تواصل الأمر على ما هو عليه حسب تعبيره. رؤية مستقبلية ضرورية وأشار رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بالمنستير محمد دغيم إلى أن الإشكال الكبير الحاصل يتمثل في أنّ خليج المنستير ضيق نوعا ما، مقابل وجود العديد من المطالب للاستثمار في هذا القطاع، مؤكدا أنه تمت مطالبة سلطة الإشراف في عديد المرّات بإعداد دراسة ورؤية مستقبليّة لحلّ إشكال الشريط الساحلي، دون تجاوب منها. وأشار إلى أنه حتى تكتمل حلقة إنتاج سمك التربية يجب أن يتمّ إنتاج اليرقات التي يتمّ توريدها من الخارج حاليّا، (ويبلغ حجم التوريد 82 مليون يرقة سنويا) مشيرا إلى ضرورة التشجيع وتسهيل إنتاج اليرقات، وأن تسعى سلطة الإشراف لتحقيق ذلك. واعتبر دغيم أن قطاع تربية الأحياء المائيّة سيكون هو البديل في المستقبل لأن مخزون الأسماك في البحر يتناقص، معبرا عن تشجيعه للبحارة لبعث مشاريع لتربية الأحياء المائية وأن تكون المشاريع المستقبلية من نصيبهم لأنه البديل وقد يوفر مواطن شغل كبيرة. غير أنّ المستثمرين في القطاع يشكون ارتفاع كلفة الإنتاج وأسعار الأعلاف وانحدار قيمة الدينار، فضلا عن غياب التشجيع على التصدير، حتى أصبح المصدّر غير قادر على منافسة الأسواق الخارجية مثل تركيا واليونان، وفق ما أكده الصامت. جدل حول الأعلاف وأمام ارتفاع كلفة الإنتاج السنوي تم تركيز وحدات لإنتاج الأعلاف، من أجل الضغط على الكلفة، واعتبر فريد نويرة، وهو مدير مصنع لأعلاف الأحياء المائية أنّ هذا التوجه ساهم في الحد من كلفة الإنتاج خاصة أنّ الأسعار إلى حد الآن تُعتبر منخفضة قياسا بأسعار الأعلاف المستوردة، وينتج هذا المصنع 20 ألف طن من الأعلاف سنويا تغطي نسبة مهمة من حاجيات المستثمرين في القطاع. اما بخصوص ما يقال عن أنّ هذه الأعلاف غير خاضعة للشروط الصحية، عبّر الصامت عن استيائه مما اعتبرها إشاعات، مؤكدا أن هذه الأعلاف تتمتع بنفس القيمة الغذائية للسمك البحري، لأن مكوناتها أعدت بطريقة مدروسة ومخبرية، كما أن السمك الذي يتمّ إنتاجه يتمتع بقيمة غذائية كبرى. وأكّدت مسؤولة مراقبة الجودة والدكتورة في تغذية أسماك التربية، نسرين الزيان، من جانبها أن مكونات أعلاف الأسماك طبيعيّة 100 % وتتركب أساسا من مسحوق الأسماك ومكونات نباتية (مسحوق السوجا ومسحوق الذرة)، إضافة إلى الفيتامينات باعتبارها ضرورية لحماية جسم السمكة في كامل مراحل نموّها حسب قولها. وفي هذا السياق قال المستثمر ومدير شركة لتربية الأحياء المائية بالمنستير علاء النقبي إن الأعلاف بيولوجية 100 % تتركب من مسحوق الأسماك والسوجا والذرة، وهي تخضع لمراقبة وزارة الفلاحة والبياطرة.واضاف انه يعمل في هذا القطاع منذ سنة 2007، وتراجع هامش الربح منذ ذلك التاريخ بسبب تدهور قيمة الدينار التونسي مما أثر على ارتفاع تكلفة استيراد اليرقات من الخارج. وعبّر عن أمله في أن يتمكّن من تركيز مفرخة لليرقات حتى يتم إنتاج يرقات محلية دون الاضطرار إلى استيرادها، مشيرا إلى أن الإدارة عطّلت هذا المشروع ولم تتعاون حتى يتمّ إنجازه، باعتبار وجود عدة وزارات متدخلة في هذا الموضوع حسب قوله. أرقام ودلالات 20 مليون طنّ حجم إنتاج الأحياء المائية 5 ملايين طن الكمية المصدّرة 82 مليون يرقة يتم استيرادها سنويا