بعد هدم التنصيبة الفنية للفنانة التشكيلية منى الجمل سيالة في منزل بوزلفة بقرار بلدي ودعوة منتمين لحركة النهضة لهدم حنايا المحمدية وهدم جزء من قوس غار الملح الذي يعود الى العهد التركي وبعد الاعتداءات التي طالت سُور القيروان ورباط المنستير وصل التخريب المنظم الى اللوحة الفنية لحديقة البلفيدير التي يعود تاريخ تنصيبها الى حوالي قرن والمثير في التخريب والمحزن أنٌه بقرار بلدي! في الحقيقة لا يمكن النظر لهذه العمليات المتواترة لاستهداف المعالم الأثرية والثقافية خارج منظومة التخريب التي ظهرت بعد 14 جانفي وقد طالت زوايا الأولياء الصالحين بكل ما تحمله بين جدرانها من ارث صوفي من مخطوطات وتمائم ومسابح تشهد على قرون من التاريخ وعلى استهداف الفضاءات الثقافية مثل سينما أفريكا وقاعة الفن الرٌابع والمسرح البلدي في اليوم العالمي للمسرح سنة 2012. إننا أمام حقد منظم على كل ما هو ثقافي يشير الى عمقنا الحضاري المتنوع من مجموعات حاقدة على الجمال والفن فما نعيشه منذ سنوات ليس مجرٌد أجتهادات معزولة بل منظومة متكاملة تتماهى مع ثقافة داعش والقاعدة التي استهدفت قبل تونسالعراق وسوريا وأفغانستان وليبيا وهي وريثة ثقافة هلاكو الذي دمٌر بغداد وألقى بالاف الكتب في دجلة والفرات وهي نفس الثقافة أيضا التي دمرت قرطاجوالقيروان وجامع الزيتونة الذي ربط الأسبان خيولهم في محرابه وجعلوا من الاف المخطوطات جسرا مرٌت عليه خيولهم! إن التاريخ يعيد نفسه في شكل تراجيديا، أننا نعيش لحظة فارقة ولن يتوقٌف هذا المسار التخريبي الذي يطال منذ ثماني سنوات حتى مؤسسات الدولة التي لم تسلم من الحرق والنهب والتخريب، اننا نعيش دورة جديدة من الزمن وعلى الفاعلين الثقافيين والجامعيين وكل المؤمنين بالثقافة والتراث الثقافي باعتباره تراثا أنسانيا أن يتجندوا وينتبهوا فالمعركة مازالت في بدايتها خاصة بعد أن وصل عدد كبير من المتماهين والمتعاطفين مع داعش الى المجلس البلدية!