تعاني كثير من المجتمعات اليوم من ظاهرة التهريب والمهربين الذين أضروا بالبلاد والعباد ذلك أن التهريب يضر بالاقتصاد ضررا كبيرا إلى جانب الإضرار الكبير بالعمال والمصانع. والتهريب في المصطلح الاقتصادي يعتمد على استيراد السلع من خارج البلاد وترويجها في الأسواق الداخلية دون ترخيص بدخولها ودون أداء ما يجب أن يؤدى عليها من ضرائب وهذا من شأنه أن يضرّ بالصناعات المحلية ويتسبب في كسادها ويصيب مؤسساتها ومعاملها بالشلل والركود بما يكون سببا في انتشار البطالة بين السكان وشيوع الفقر في البلاد كما يعمد المهربون إلى تصدير السلع والبضائع خاصة إذا كانت من المواد الحيوية كالغذاء والدواء بطرق ملتوية غير مشروعة عبر الحدود لتباع بأثمان مرتفعة . إن التهريب محرم والعمل فيه غير مشروع وكسبه ليس بحلال وذلك لما فيه من إنزال الضرر بأسواق البلاد واقتصادها وما ينتج عنه من إغلاق المصانع ومؤسسات الإنتاج وتشريد عشرات الآلاف من العاملين فيها وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) أي أن كل تصرف كان فيه إنزال ضرر بالناس كان محرما وإن كان في نفسه مشروعا وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم صورا من إنزال الضرر بالأسواق والتجار ومن ذلك تلقي الركبان وهو نوع من التهريب وصورته أن يخرج بعض الناس إلى أطراف المدينة يتلقون القوافل التجارية القادمة من مختلف الجهات فيشترون منها ما يريدون من السلع قبل أن تدخل السوق فيكون في ذلك غبن وخداع لتلك القوافل لكونهم يبيعون سلعهم قبل أن يعرفوا ثمنها في السوق فيأخذون فيها دون ما كانوا سيأخذون لو دخلوا بها السوق وفيه أيضا ضرر بالسوق والعاملين فيها لكونهم يحرمون من الرواج التجاري الناتج عن دخول سلع الركبان إلى السوق كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حيث يشترى حتى ينقل إلى السوق وذلك أن بعض التجار كانوا يشترون الطعام وغيره من المواد الغذائية بعيدا عن السوق ثم يبيعونه في نفس المكان الذي اشتروه فيه ولا ينقلونه إلى السوق التي يباع فيها الغذاء فيتضرر من صنيعهم تجار السوق والحرفاء كما مضت الإشارة إلى ذلك فعن عبد الله بن عمر قال: كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانه فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه(يعني إلى السوق)(رواه البخاري وغيره) وفي رواية أخرى عن ابن عمر قال: رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافا (أي جملة) يعني الطعام لا يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلى رحالهم والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم هذا النوع من تهريب السلع الذي كان معروفا على عهده صلى الله عليه وسلم لما فيه من إنزال الضرر بالحركة التجارية ورواج السلع في السوق ومثله في الحكم التهريب المعروف اليوم لاتحادهما في العلة الموجبة للتحريم فيكون العمل في التهريب حراما لما فيه من الإضرار باقتصاد البلاد وإصابة الحركة التجارية في أسواقها بالكساد والركود باعتبار ما للتهريب من مخاطر كبيرة منها أن فتح هذا الباب وإجازته يؤدي إلى تهريب البضائع التالفة والمصنعة تصنيعا رديئا و بيعها بأثمان باهظة إلى جانب أن ذلك قد يؤدي إلى تهريب البضائع المحرمة شرعا مثل تهريب الأسلحة والمخدرات والعملات المزيفة وغيرها أضف إلى ذلك أن المهرّب يجني على بقية التجار الذين يخضعون للضرائب والمعاليم الديوانية وتصبح سلعهم ذات قيمة مرتفعة فإذا باع المهرّب بقيمة أقل من قيمة التاجر الذي يدفع الضرائب والرسومات أدى ذلك إلى كساد بضائع هذا الأخير وركودها مما يؤدي به إلى الإفلاس . إن عملية تهريب البضائع والمشاركة فيها والمساعدة عليها حرام شرعا وممنوع قانونا سواء في ذلك الاستيراد والتصدير وفاعل ذلك مخالف للشرع من جهة إضراره باقتصاد الناس ومعايشهم هذا إذا كانت البضائع المهربة داخلة في السلع المسموح بتداولها ، فإن كانت سلعا ممنوعة فان تحريمها اكثر منعا وحرمة .