تابعت خلال الدورة العشرين لايام قرطاج المسرحية معظم الندوات التي تم تنظيمها وهي ندوات على اهمية كبيرة لكن ما لاحظته هو غياب المسرحيين عن هذه الندوات . فالوحيد الذي تابع كل الندوات تقريبا هو المسرحي حمادي المزي كما حضر عدد اخر بعض الجلسات مثل الطاهر علوان من المهدية ومحمود النهدي من جندوبة . وهذه ليست المرة الاولى التي نلاحظ فيها غياب المسرحيين عن الندوات الفكرية وهو يعبر عن حالة من « الاطمئنان « و» الاكتفاء « بما يجعلهم في غنى عن اي جهد معرفي او ثقافي ! وهذا ما يفسر الفقر الفكري والتصحر الجمالي الذي تعاني منه معظم الاعمال المسرحية التي تقدم في السنوات الاخيرة في تونس . لقد فقد المسرح التونسي روح المغامرة الجمالية وعمق الرؤى التي ميزته منذ منتصف الستينيات عندما انطلق علي بن عياد في مغامرته الجمالية مع مجموعة من الأعمال الكلاسيكية مثل يرما وعطيل ومراد الثالث وعرس الدم وغيرها وهي التجربة التي واصلها منصف السويسي في وجه مغاير بالتركيز على استلهام مسرح بريشت خاصة والتراث العربي مع عزالدين المدني في الحلاج والزنج وتعازي فاطمية وغيرها في حين اختار فاضل الجعايبي وفاضل الجزيري ومجموعة المسرح الجديد وجها اخر للمغامرة بكتابة اليومي وتاسيس مسرح « الآن وهنا « سواء في فرقة قفصة مع رجاء فرحات في البرني والعطراء وجحا والشرق الحائر ومحمد علي الحامي او في المسرح الجديد من العرس الى التحقيق الى غسالة النوادر ولام وعرب والعوادة الخ ....وكذلك منصف الصائم ورجاء بن عمار وعزالدين قنون وتوفيق الجبالي ونورالدين الورغي والاسعد بن عبدالله ومنير العرقي وانور الشعافي الخ .... فالمسرح التونسي يفتقد لروح المغامرة بسبب التكلس الذهني الذي يعاني منه عدد كبير من المسرحيين وغيابهم عن معظم الندوات الفكرية هو الترجمة الوحيدة لهذا الفقر المعرفي والجمالي .