أمّا الطالبي المفكر الإسلامي رحمه الله فقد فضح الأيمة والمذاهب والشيوخ والسلف الصالح حيث وضّح وكعادته في كلّ بحوثه بالحجّة والدليل أنّ كلّ هؤلاء يخالفون الله والرسول في علاقتهم بالمرأة فالغزالي الذي يعتبر بدون منازع عند السلف الصالح حجّة الإسلام كيف يرى الزواج الذي هو الركن الأساسي لبناء المجتمعات والمجتمع الإسلامي خاصة؟ يقول الغزالي:» إنّ النكاح (الزواج) نوع من العبوديّة فالمرأة هي أمة زوجها فعليها أن تطيع زوجها طاعة مطلقةفي كلّ ما يطلب منها في علاقة بشخصها إلّا عندما يتضمّن معصية الله». وينسبون للرّسول عليه السلام قوله «:كلّ امرأة تتوفّى في حالة إرضاء زوجها تدخل الجنّة»ولتدعيم هذه المغالطة يروون هذه القصّة :»سافر رجل وأمر زوجته أن لا تنزل من الطابق الأوّل الذي تسكنه إلى الطابق السفلي وكان يسكن هذا الطابق والدها وصادف أن مرض هذا الوالد فأرسلتْ للرسول تطلب منه أن تنزل للطابق السفلي لرؤية والدها فكانت إجابة الرسول «:أطيعِي زوجك» فتوفّي والدها وأعادت طلبها فأجابها الرسول :»أطيعِي زوجك» وبعد أن دفن والدها أرسل لها الرسول من يعلمها أنّ والدها دخل الجنّة لأنّها أطَاعَت ْزوجها»هكذا بالأحاديث الموضوعة كانوا يرهبون المرأة حتّى تُصدّق فتَاوَاهم والأحاديث من هذا النوع هي كثيرة وقد وضعتْ للسيطرة على المرأة وابتزازها وحاشى الرسول الذي يحبّ المرأة أن يسومها مثل هذه المعاملة إنّ الحديث الصحيح الذي تشهد بصحّته أخلاق الرسول وفكره السليم هو قوله صلّى الله عليه وسلّم :»حُبِّبَ إليّ من دنياكم الطيب والنساء وجُعِلتْ الصلاة قرّة عيني « فصاحب الرسالة الإنسانيّة الذي ائتمنه الله على تبليغ رسالته للناس أجمعين لا يمكن أن يقول خلاف هذا وما قيل عنه في المرأة مخالف لهذا الحديث هو محض افتراء وهو من الأحاديث الموضوعة لأسباب دنيويّة سياسيّة وسلطويّة . أذكّر بهذا لأنّ ما يقوم به اليوم المتزمّتون نحو المرأة غير بعيد عن هذه الخرافات المزيّفة حتّى تعرف المرأة وخاصة المرأة النهضاويّة أنّها مستهدفة في حقوقها كغيرها من النساء. إذن ما هو هدف هؤلاء المُشيطنين لكلّ مشروع اجتهادي؟ هل هو غيرة على الدين كما يدّعون أنّهم يدافعون عنه أم لهم في هذه الحملة مآرب أخرى؟ عندما نتابع المنابر التي اعتلوها للدفاع عما يدّعون أنّه خروج عن أحكام الله لا يذكرون إطلاقا أنّ عمر الفاروق من أقرب أقرباء رسول الله والذي أُعِزّ الإسلام بدخوله فيه كان لأسباب مدنيّة اقتضاها الظرف الزمني تجاوز حكما صريحا أليس من العدل ومن النزاهة أن نعتبر مشروع الميراث هو على الأقلّ قياسا على ما قام به عمر بن الخطّاب جائز أليس عمر صاحب الرسول هو من السلف الصالح الذي طالما صدّعوا رؤوسنا للإقتداء بهم ؟ ثمّ هم يحاولون بسماجة أن يبرهنوا أنّ المرأة في الإسلام ترث أكثر من الرجل ويتيهون في الربع والثلث وهلك هالك وترك... فلاهم يعون ما يقولون ولا المستمع يفهم منهم شيئا.ثمّ إن كان ما يدّعونه من أنّ المرأة في الإسلام ترث أكثر من الرّجل صحيح فما ضرّ لو نقيس على ما قام به عمر و نمرّر هذا القانون الذي يترك الحريّة للمورّث أن تقسم تركته كما جاءت به الآية الكريمة إن أوصى بذلك وكفانا جدالا حتّى لا يؤول هذا الجدال إلى ما لا تحمد عقباه؟ وبما أنّهم يرفضون هذا الحلّ فالهدف ليس دينيا فماهو هدفهم إذا؟ إنّ لهم دافعين أساسيين سأحاول المرور عليهما بسرعة: الدافع الأوّل هو حقدهم الدفين على المرأة فهم لا يختلفون في شيء عن الغزّالي الذي يعتبر الزوجة أمة زوجها ثمّ إنّ فيهم بقايا من عهود الجاهليّة إذ لو نظرنا حولنا لوجدنا إلى اليوم من تنطبق عليه الآية 58 من سورة النحل إذ يقول تعالى:»وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم» فهم إلى اليوم يفعلون المستحيل وينفقون الأموال لإنجاب الذكر عن طريق الطبّ..ثمّ إنّهم لا يقبلون أن تنتقل ممتلكاتهم مع البنت بعد زواجها وهم يستكثرون عليها حتّى نصف ما يأخذه الذكر فيتحيّلون بالبيع للأبناء الذكور حتّى لا تقاسمهم الإناث عند هلاكه كلّ ممتلكاته فكُرْه الأنثى عند هؤلاء جينيّا وراثيّا وحبّ الذكر ثقافة راسخة غرست فيهم . أمّا الدافع الثاني فهو نصرة النهضة حتّى تنجح بامتياز في انتخابات 2019 وتنجز ما بدأت في إنجازه بعد انتخابات 2011 لكي» تُأَسْلِمَ تونس» التي يراهنون مع قوى أجنبيّة لإقامة حكما إسلاميّا أساسه الشريعة مع تركيز الخلافة إن أمكن وهذا واضح ولا غبار عليه وهو مسجّل بالصوت والصورة على عبد الفتاح مورو وسأنشره بإذن الله. هذه حساباتهم ولكن» ألي يحسب وحدُو يُفضلو»لأنّهم أخرجوا من حساباتهم حرائر تونس اللاتي إن شاء الله مثلما نسفنَ أحلام المرزوقي وحليفته النهضة في رئاسيّة 2014 سيواصلن الدفاع علن مكاسبهنّ وتيزِحْن النهضة وحلفائها الجدد من مواقع القرار حتّى لا يعود الحديث على التكامل وما وراءه من دسائس لمسخ المرأة وإرجاعها لعهود الانحطاط بعد أن صار يضرب المثل في الشرق والغرب بالمرأة التونسيّة المتكاملة الحقوق والواعية لواجباتها كما يريدها الإسلام التونسي الزيتوني السمح لتبقى شوكة في حلق كلّ من يحاول الدَوْسَ على كرامتها أو الاستنقاص من مكانتها. وفي الختام أسأل الدكاترة والأئمّة ومن لفّ لفّهم من المتهجّمين على هذا الاجتهاد -الذي سيَعْتمد فيه المشرّع على اجتهاد عمر الفاروق وعلى مقتضيات العصر والذي فيه خيار للمُورّث بين القبول به أو التطبيق الحرفي لنصّ الآية- .عن السبب الحقيقي لهذه لزوبعة فهل هو حقدهم على المرأة وكرهم لها؟ وإذا كان هذا فما هو موقفهم أمام بناتهم وزوجاتهم وحتّى أمّهاتهم ألا يعتبر هؤلاء أنّ هذا ضرب لحقوق أقرب الأقرباء لهم؟ وما موقف بناتهم وزوجاتهم وأمّهاتهم منهم هل هنّ سيبقون على احترامهنّ وتقديرهنّ لهم أم أنّهنّ كبشَر سيشعُرن بالحقد والكراهيّة تجاه هؤلاء الذين قادتهم ذُكُورتهم المقيتة لتسليط الاستبداد والقهر على الأنثى ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خُدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ « .. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَةِ» صدقتْ يا رسول الله ولا أرى زمانا ينطبق عليه ما قلتَ غير الزمن الذي نعيشه اليوم.