إخواني أخواتي... اسمحوا لي بادئ ذي بدء بالتوجّه بأخلص عبارات الشكر والامتنان إلى سيادة الوزير على ثقته الكبيرة في شخصي المتواضع. وأعده بأنّي سأعمل ليلا ونهارا لمزيد التقدّم بهذه المؤسّسة العتيدة، عسى أن أكون خير خلف لخير سلف، أعني مديركم المقال الذي لولا جهودكم المحمودة لظلّ متربّعا على هذا الكرسي الوثير . وأخصّ بالشكر منكم فلانا وفلتانا اللّذين كانا بالمرصاد لحركاته وسكناته، يحرّران التقرير تلو التقرير حتّى وجد صوتهما أذنا صاغية لدى جناب الوزير فأحسن التصرّف. وها أنا إذن بينكم ومعكم أحثّكم على التفاني في العمل واحترام الوقت وحسن التصرّف في الأملاك والوسائل. وكاعتراف بالجميل أقترح على الأخوين المحترمين أن يتقدّما لي بمطلب في التمتّع بالتقاعد المبكّر وأعدهما بالموافقة مسبّقا . وأرجو منكم تسديد الشغور بالتنافس في الوشاية الصالحة . وبابي مفتوح للجميع حتّى ييأس المتهاونون الذين يتمارضون بشهادات طبّية مشبوهة أو يمضون بطاقة الحضور ثمّ ينصرفون إلى المقاهي المجاورة أو لقضاء شؤونهم ثمّ يعودون في آخر الحصّة للإمضاء الثاني . وأنا أعدكم بساعة من العمل لأنّ أمثالي لا تقاس إنتاجيّتهم بالساعات بل بالجدوى. صدّقوني إذا أفشيت لكم سرّا، هو أنّي منشغل بالعمل على مدار الساعة. وسأعمل على تنفيلكم بالترقية الآليّة إذا أظهرتم لي الحماس والتفاني المطلوبين . ولا تؤاخذوني إذا اضطررت إلى الاستئثار بثلاث سيّارات لشخصي المتواضع لأنّ سمعة المؤسّسة تقتضي واحدة للعمل الميداني وثانية للتشريفات وثالثة للعائلة التي لم أعد أجد لها وقتا . وللضرورة سأستعمل خطّين هاتفيّين، أحدهما للشؤون الخاصّة، كما سأستعين بطبّاعة الحاسوب الإداري فيما تطلبه المعلّمة من الملفّات، وسترون بأعينكم ابنتي العزيزة متردّدة على مكتبي فمن احتفى بها حسّنت عدده الصناعي . وأنا قبل كلّ شيء أب رؤوف، ولا أستطيع منعها من أخذ ما يعجبها من الأوراق والأقلام إلى الهاتف والحاسوب ذاته . وهذا كلّه لاشيء مقابل تضحياتي لأجل مستقبل المؤسّسة، وهو مستقبلكم أيضا، فتطوّعوا بالساعات الإضافيّة أجازكم عليها بمعلّقات الشكر وشهائد العامل المثالي وحتّى بوسام الشغل. ولذا أعتذر لكم من الآن عن عدم تمكينكم من العطل السنويّة، وأرجوكم أن تتفهّموا وضعنا الذي يقتضي العمل الدؤوب للإيفاء بتعهّداتنا لحرفائنا الأجانب . أمّا أنا فشهر من الراحة لا يؤثّر في نسق الإنتاج بل، بالعكس، يقوّي الثقة بيننا . وربّما أتمكّن في القريب العاجل من الإشراف عن بعد بالتكنولوجيا المتقدّمة . وأعدكم بألاّ تروا منّي إلاّ الخير والتفهّم والمساعدة ما دام كلّ منّا عند حسن ظنّ الآخر . وفّق الله الجميع . بقي شيء واحد، هو أنّي لا أسمح لنفسي بأن يكون مصيري كمن سبقني. وبناء عليه سأشرع في الإعداد لمسؤوليّة أرقى قد توافق الشغور الذي سيترتّب عن رحيل وزيرنا المباشر مع طاقم الحكومة إثر الانتخابات القادمة .وإنّها لفرصة العمر تتويجا لحياة نضال . ومن مثلي خبرة بالإدارة ؟ فاذكروني واشكروني يصلكم فضلي وتشجيعي أيّا كان موقعي . مع تجديد الشكر لكم . وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون. والسلام عليكم.