نشرت وزارة الشؤون الثقافية يوم الاثنين الماضي 8 جانفي 2019 عبر صفحتها الرسمية على موقع الفايسبوك التقرير النهائي لأعمال لجنة التشجيع على الإنتاج السينمائي لسنة 2018 كاشفة عدد المشاريع المرشحة و العناوين التي وافقت اللجنة على دعمها مع توضيح المقاييس المعتمدة في ذلك . وبقدر ما في هذه العملية ( نشر التقرير ) من نزاهة و شفافية تحسب لوزارة الشؤون الثقافية في تعاملها سواء مع لجنة الدعم او مع اصحاب المشاريع السينمائية المرشحة ، الا أن ذلك لا يمنع من طرح العديد من الأسئلة و التساؤلات حول عمل اللجنة ، خصوصا و انها مختارة حتى لا نقول معينة من وزارة الثقافة . ومنذ صدور تقرير اللجنة في مفتتح الاسبوع الجاري ، لم يتوقف اهل القطاع و السينمائيون خصوصا عن التساؤل عن مدى مصداقية عمل اللجنة بدءا من المدة الزمنية المخصصة لها للاطلاع على كامل مضامين المشاريع المرشحة ، وصولا الى اهلية او استقلالية بعض الأعضاء في اللجنة ! ولعل اول سؤال يطرح بخصوص عمل اللجنة ، هو ما اذا كانت المدة الزمنية المخصصة للجنة للاطلاع على المشاريع المرشحة ، وهي 50 يوما ( من 9 اكتوبر الى 28 ديسمبر ) ، كافية لقراءة 100 سيناريو وهو عدد المشاريع المرشحة ، اضافة الى المعطيات الاخرى المضمنة في كل ملف ، علما و أن معدل الصفحات المطلوبة بالنسبة لسيناريوهات الافلام الروائية الطويلة وحدها هو 50 صفحة ! فهل يمكن لاعضاء اللجنة ان يقرؤوا الاف الصفحات في شهر و نصف ، علما و ان غالبيتهم يشتغل في اعمال اخرى الى جانب عمل اللجنة ؟ السؤال الثاني هو مدى احترام اللجنة لشرط البطاقة المهنية ، او بطاقة الاحتراف ، بالنسبة لأصحاب المشاريع المرشحة ، أي ان يكون مخرجا سينمائيا محترفا ! و هنا نكتفي بذكر اسم الفنانة أنيسة داود التي وافقت اللجنة على دعم مشروع فيلمها القصير " البانو" باقتراح منحة قدرها 70 ألف دينار ، في حين ان هذه الاخيرة تعمل ممثلة و ليست مخرجة سينمائية ! السؤال الثالث هو مدى احترام وزارة الثقافة قانون او أخلاقيات اختيار أعضاء لجنة الدعم كأن يكونوا مستقلين لا تربطهم باصحاب المشاريع المرشحة أي علاقة مهنية حتى لا يكونوا الحكم و الخصم في آن واحد ! و هنا نكتفي كذلك بذكر اسم واحد من بين الأعضاء وهوالمخرج انيس الأسود الذي يعمل مع المنتج عبدالعزيز بن ملوكة . و قد حصل هذا المنتج على دعم عن شركته CTV لمشروع فيلم " حوت البر" ( clando ) للمخرج مديح بلعيد . وتم اقتراح منحة للفيلم قدرها 400 الف دينار ! الى جانب كل هذه التساؤلات التي من شأنها اثارة الكثير من الجدل حول مصداقية عمل لجنة الدعم و ما اذا كانت حقوق الدعم قد ذهبت الى مستحقيها دون تحيز او موالاة ، هناك تساؤلات اخرى لا يمكن إغفالها كذلك ، او غض النظر عنها وهي التوجه العام للمشاريع المختارة من حيث القضايا المطروحة فيها و التي تدور في اغلبها في فلك الإرهاب و التهريب ( la tête coupée لطفي عاشرو ، la zone لسعد الدخيلي ، اشهد اني عشت ايمان الناصري…) والاغتصاب والجريمة (Bunkoeur نضال شطا ، les filles forte ايناس عرصي ، البانو أنيسة داود… ) و هي قضايا اقرب الى الحوادث او ما يعرف ب Les faits divers وهي مواضيع مستهلكة و متداولة بشكل يومي في الصحف و مختلف وسائل الاعلام ، في حين ان هناك قضايا اخرى عميقة تمس المجتمع التونسي في ثقافته و تراثه و ارضه بدءا من تاريخ البلاد الحديث و القديم و صولا الى أعلامها و معالمها … ورغم حرص الوزارة على العناية بمثل هذه القضايا و التشجيع على تناولها ، فإن عمل لجنة الدعم مازال مختصرا في النظر في ما هو معروض عليها و الحكم له او عليه دون توصيات تحث على وجوب توفر الخصوصية ( originalité ) في المشاريع المرشحة و لم لا رفض المشاريع ذات المواضيع المستهلكة و المتشابهة… ومثلما يقول المخرج الامريكي الشهير جورج لوكاس «أن تدرك التاريخ والأدب وعلم النفس والعلوم العامة.. خطوة أولى لصنع أفلام»..