بعد مرور 8 سنوات على اندلاع ما يعرف بالربيع العربي اصبحت الدولة مسارح للعنف والدماء والانقسامات السياسية في عدد من الدول خاصة في ليبيا وسوريا واليمن . تونس (الشروق) فمثلا سوريا تحولت الى مسرح للقتال والارهاب على متداد 8 سنوات واصبحت وجعًا في قلب الوطن العربي، فمنذ 2011 تحولت تلك البلاد الجميلة المفعمة بالاستقرار والجمال إلى مجموعة من الثكنات الحربية وتربة خصبة للإرهابيين والميليشيات العسكرية المختلفة، كما سمحت أوضاعها السيئة بالتدخل الأجنبي فصارت ساحة حرب. ومرعام 2018 على سوريا ولم يأت بجديد، بل بكل اسف شهد العديد من الأحداث المؤسفة التي زادت الوضع سوءًا وخلفت وراءها مئات الضحايا والمصابين، كما استمرت مأساة اللاجئين الذين اتخذوا قرار الرحيل، لتكن الحرب خلفهم والموت أمامهم. وقد كانت ثورات الربيع العربي، فرصة لتنظيم الإخوان الإرهابي لتحقيق هدفهم بالسيطرة على مفاصل الدول المندلعة فيها تلك الثورات، حيث استغلت قيادات التنظيم حالة الفوضى المتزامنة مع سقوط الأنظمة في الاستقواء بالخارج لتمكينهم من الحكم، بمساعدة بعض الدول في الإقليم مثل قطروتركيا التي يحكمها الإخوان من خلال تمويل الجماعة في سوريا وليبيا واليمن.وكانت الجماعة منذ بداية الأزمة في سوريا تطالب بالتدخل الأجنبي لحل الأزمة السورية على أنه الحل الوحيد الممكن، داعية إلى تدخل تركيا وإنشاء مناطق إنسانية محمية في الأراضي التركية في أكتوبر 2011. وفي اليمن أفادت تقارير إخبارية أن حزب الإصلاح في تعز التابع لحركة الإخوان المسلمين ربط مشاركته بعملية تحرير تعز بتغيير مواقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الحركة. وكشفت التقارير أن موقف حزب الإصلاح أدى إلى حدوث تأخير في بعض العمليات العسكرية لاستكمال تحرير تعز نظراً لموقفه الضبابي، في الوقت الذي تنشغل فيه قوات التحالف العربي وقوات المقاومة بوضع الخطط من أجل تحرير كامل تعز. وخلال السنوات الأخيرة لم يقدم الحزب ما يشفع له كحزب شريك في العملية السياسية بل ان لديه رغبة واضحة في الاستئثار بالحكم وترك الأحزاب الأخرى على الهامش، وهو ما ظهر بعد ثورة 2011 التي أطاحت الرئيس علي عبدالله صالح، حيث كان الحزب يذكر الآخرين على الدوام بالدور المحوري الذي قام به في سبيل التخلص من حكم صالح، وهو ما تجسد في انتزاع الكثير من القرارات السياسية لصالح تعيين أنصاره في المؤسسات الحكومية والوزارية المختلفة، ما راكم غضب الأحزاب السياسية من الانتهازية التي تمتع بها الحزب ومحاولة احتكار السلطة لنفسه. ليبيا هي الاخرى تعيش انقساما سياسيا وصراعا مسلحا على السلطة أحالها إلى ساحة حرب وعطل مؤسسات الدولة فيها رغم مرور 8أعوام على الثورة المدعومة من الغرب، حيث يقف الليبيون على مفترق طرق بين متفائل ومتشائم، ويحدو بعضهم الأمل في أن تطوي الانتخابات صفحة الأزمة السياسية والأمنية بالبلاد.وقد حاولت الأممالمتحدة الوصول بالليبيين إلى اتفاق شامل لتقاسم السلطة وإدارة الدولة الليبية عبر توقيع اتفاق الصخيرات السياسي في ديسمبر 2015 إلا أن أطرافا إقليمية ودولية عملت على تعطيل الاتفاق بدعم أطراف مسلحة ومحاولة عسكرة المشهد وإجهاض التجربة الناشئة في ليبيا. ومنذ أربعة أعوام تعيش ليبيا على وقع صراع سياسي ومسلح على السلطة دفعت البلاد فاتورته الباهظة من دماء شبابها، وهذا ما جعل زكريا الذي كان أحد شباب الثورة يعرب عن خيبة أمله من وصول البلاد إلى وضعها الراهن الذي تحيط به الأزمات من كل جانب. وتقول تقارير ليبية ان ضباطا من الجيش القطري هم من كانوا يستجوبون المعتقلين في السجون الليبية ،وأن الوجود القطري الفج في ليبيا والمدعوم من قبل عبد الحكيم بلحاج والتنظيمات الجهادية هو عامل رئيسي وراء تدهور الأوضاع وفشل بناء الدولة من جديد، حيث أن قطر تغلغلت داخل مفاصل الدولة الليبية خاصة الغرف الأمنية، بمساعدة تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان. وفي اليمن لا يختلف الامر كثيرا حيث تحولت الى مسرح للحروب والقتال ما اسفر عن مقتل الالاف , فالضبابية ما زالت تسود المشهد السياسي والعسكري ، ما يعزز فرضية فشل تام لجهود التسوية وإيقاف الحرب، حتى اللحظة، وانعدام أي بارقة أمل في الخروج من النفق بالغ العتمة في هذا البلد الفقير الذي يتآكل بسبب الصراع الداخلي الدامي والتجاذبات الخارجية.واللافت في المسار السياسي للأزمة اليمنية تشتت أطراف الصراع في اتجاهات متباينة بحثًا عن حل غدت معه فرص الالتقاء بعيدة المنال، على الأقل في الأجل القريب، في حين يبدو دور الأممالمتحدة متراخيًا إن لم يكن عبثيًا وليس بحجم الحدث والمأساة المستمرة في اليمن.