من المنتظر أن يصادق الكنيست الاسرائيلي قريبا على قانون يرغم الدول العربية على دفع تعويضات لليهود الذين غادروا هذه البلدان تاركين وراءهم أملاكا قدرتها لجنة مكونة من خبراء اسرائيليين بمليار دولار بالنسبة الى تونس فقط فما صحة هذه المزاعم وكيف تعامل يهود تونس مع هذا الملف؟ تونس الشروق: حسب كبير أحبار يهود تونس، لم يبق من اليهود في تونس الا 1500 بعد أن كان تعداد المواطنين التونسيين من الديانة اليهودية يبلغ قبل استقلال البلاد في سنة 1956 ما يناهز مائة الف مواطن. ووفق ما شهدته القضية الفلسطينية من تقلبات وتصعيد مع سلطات الاحتلال، كان عدد المواطنين التونسيين من الديانة اليهودية يتقلص على أن أهم موجة مغادرة لليهود لوطنهم الام تونس، تعود الى سنة 1967. ويتقدر عدد المغادرين في هذه السنة فقط ب22 الف مواطن. توجه عدد كبير منهم الى اسرئيل فيما توزع البقية على عديد الدول الاوروبية والولايات المتحدةالامريكية. ومن الطبيعي أن يترك أي مغادر لبلاده في تلك الظروف الصعبة خلفه أملاكه من عقارات وأراض وأموال وغيرها. وهو ما حدث فعلا لاغلب المواطنين التونسيين من الديانة اليهودية الذين كانوا موزعين تقريبا على كامل مناطق الجمهورية. والى اليوم لا تخلوا المدن التونسية من مبان تحمل الطابع العمراني اليهودي وحتى كتابات باللغة العبرية. ومثلها مثل باقي أملاك الاجانب في تونس، تولت الشركة العقارية للبلاد التونسية ادارة أملاك المواطنين التونسيين من الديانة اليهودية الذين غادروا البلاد. وللأسف لم يخل هذا الملف من التجاوزات والفساد والتزوير والتدليس. فبخلاف المعالم الدينية المعروفة كغريبة جربة والكنيس اليهودي بكل من الكافوتونس العاصمة وسوسة وبعض المباني الأخرى التابعة لهذه المؤسسات الدينية كالمدرسة اليهودية فإن باقي ممتلكات اليهود في تونس شهدت العديد من التجاوزات والاستيلاءات التي طالت حتى الأراضي الفلاحية والارصدة البنكية وبعض الثروات المكونة من مجوهرات ومصوغ مودعة إما في البنوك أوالقباضات المالية. ضعف ميزانية البلاد... تقدر الدولة العبرية الممتلكات التي تركها اليهود التونسيين بعد مغادرتهم وطنهم الام تونس ب 35 مليار دولار أي ضعف ميزانية البلاد لسنة 2019. وحسب وزارة الخارجية الاسرائيلية فإن اليهود الذين غادروا تونس بلغ عددهم الى حدودو سنة 1967 مائة الف مواطن كانوا يشتغلون في التجارة. ويديرون عديد القطاعات كالنسيج والطباعة والذهب. ويسيطرون تقريبا الى حدود 1963 على قطاع التجارة بالكامل وكذلك الصناعات التحويلية والمعادن. على أن عددا من يهود تونس كان ينشط كذلك في قطاع الفلاحة وخاصة قطاع زيت الزيتون. وذات الوزارة تقدر عدد المحلات التجارية والمعدة للسكنى التي كانت على ملك يهود تونس ب3500 عقار في تونس العاصمة فقط موزعة خاصة على شارع الحبيب بورقيبة ومنطقة لافايات الواقعة بوسط العاصمة تونس ومنطقة حلق الوادي والكرم وقرطاج والمرسى وكذلك منطقة مونبليزير. كما تقدر هذه الوزارة ممتكلات اليهود بولاية بنزرت ب250 عقارا وفي سوسة والمنستير ب 350 عقارا وفي الكاف بكامل المنطقة المحيطة بحي الحارة الذي يتوسطه الكنيس اليهودي بهذه المدينة. ولم تتحدث وزارة الخارجية العبرية عن جزيرة جربة. اضافة الى العقارات المعدة للتجارة والسكنى فإن الوزارة المذكورة طالبت كذلك باسترداد ارصدة بنكية على ملك يهود تونس مودعة الى حد اليوم في البنوك التونسية. رفض... ليست هذه هي المرة الأولى التي أحيت فيها الدولة العبرية هذا الملف. ولكنها كانت تصطدم في كل مرة بمعارضة المواطنين اليهود الذين لازالوا يعيشون في الدول العربية ومنها تونس . وكان خليفة عطون نائب رئيس اللجنة الوقتية لإدارة شؤون الجالية اليهودية سابقا ولجنة تسيير الطائفة اليهودية التونسية قد صرح على اثر لقاء له مع وزير املاك الدولة السابق، سليم بن حميدان ان وعود الدولة التونسية لتسوية ملف املاك المواطنين التونسيين من الديانة اليهودية لم تنفذ. وبقيت حبرا على ورق. ومع ذلك أكد عطون على أنه «من المستحيل ان يقبل يهودي واحد يعيش في تونس او خارجها بمقاضاة وطنه الام». ومن ناحيتها، تؤكد رئاسة الاحبار في تونس دوريا على ان «المشاكل العقارية هي من اختصاص المحاكم التونسية وان اليهود مواطنون تونسيون وبالتالي ان كان لهم حق فما عليهم الا التقاضي امام العدالة التونسية. الى ذلك تسعى ذات الرئاسة دائما الى اعتبار « الموروث اليهودي التونسي بكل مكوناته الدينية والثقافية والمعمارية هو جزء لا يتجزأ من الهوية التونسية . وفي علاقة بالاملاك الشخصية فهي تخضع لذات الاجراءات التي يقوم بها أي مواطن تونسي آخر أمام الجهات القضائية التونسية للحصول على حقه». تحيل بالجملة... ومع هذا التأكيد على الانتماء والالتزام بالقوانين التونسية، فإن عددا من التونسيين لم يتوانوا على الاستيلاء على أملاك اليهود في تونس بتدليس العقود ووثائق الملكية ومن ثمة التصرف فيها على أنها أملاكهم الخاصة. وفي سنة 2012، عاد مواطن تونسي من الديانة اليهودية يعيش بفرنسا الى مسقط رأسه سوسة. وبزيارته الى المنزل الذي ولد فيه، اكتشف أنه معروض للبيع فما كان منه الا أن اتصل برقم الهاتف المكتوب على واجهة المبنى مع علمه المسبق بأن العقار المذكور لا زال على ملك والده المتوفى والذي كان غادر تونس رفقة عائلته على اثر الاحداث التي شهدتها البلاد في سنة 1967. وفعلا التقى البائع المزعوم وطلب منه الاطلاع على عقود الملكية التي تبين لاحقا أنها مدلسة. ومثل هذا العقار الواقع بمدينة سوسة توجد المئات من العمارات والمحلات التجارية التي يتصرف فيها الى حد اليوم متحيلون تونسيون منهم من يستغلها للسكنى والتجارة ومنهم من يستخلص لنفسه قيمة الايجار. وكان عدد من سكان عمارة تقع في شارع الحبيب بورقيبة قد طعنوا في سنة 2017 أمام القضاء في صحة عقد بيع قدمه لهم رجل أعمال تونسي ادعى انه اشترى العقار بأكمله من ورثة أحد يهود تونس مطالبا إياهم بالخروج. وبينت الابحاث أن لا ورثة للمالك الاصلي وهو تونسي كان قد غادر البلاد بعد الاستقلال. فمتى تفتح الحكومة التونسية هذا الملف وتغلق الباب امام مزاعم الدولة العبرية...و الواضح ان أملاك اليهود في تونس مثلها مثل باقي الدول العربية، باتت ورقة في يد الدولة العبرية للضغط على هذه البلدان من أجل التطبيع والاعتراف بدولة اسرائيل... أرقام ودلالات 35 مليارا قيمة أملاك اليهود حسب مزاعم الدولة العبرية 100 ألف مواطن تونسي يهودي كانوا يعيشون بتونس 3500 عقار بتونس العاصمة