تونس الشروق: الاضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية له تداعيات وخسائر, حذر منها الخبراء الاقتصاديون, لكن في النهاية تم تنفيذه. هذا الاضراب لم يكن شرا مطلقا ولا خيرا مطلقا بل كان وقعه يختلف بين قطاع وآخر. بين متضرر ومنتعش. شمل الاضراب العام مختلف الإدارات المركزية والجهوية والمحلية التابعة للوظيفة العمومية، كما شمل مختلف المؤسسات والمنشآت والشركات العمومية التابعة للقطاع العام، على غرار التربوية والصحية وقطاع النقل العمومي البري والبحري الجوي، إلى جانب 5 بنوك حكومية ومؤسسات الإعلام الحكومي، هذا الاضراب كانت له تداعياته الكبيرة على جميع القطاعات تراوحت بين الايجابية والسلبية, حتى أننا بامكاننا التحدث عن المستفيدين والمتضررين من هذا الاضراب. قطاعات تضررت لئن كان تنفيذ الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام ناجحا مائة بالمائة فإن الخسائر والتداعيات كانت حاصلة مائة بالمائة. حيث نجد أن عددا من القطاعات تأثرت تأثرا كبيرا وخاصة القطاعات الهامة والحيوية، على غرار قطاع النقل الجوي والنقل البحري والبري وكذلك قطاع الصحة الذي يعتبر من أكثر القطاعات تضررا نظرا لارتباطه الكبير ببقية القطاعات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية. وكذلك نجد أن الخسائر الفادحة قد طالت أيضا قطاع نقل المواد الطاقية و البترولية والطاقة المتجددة والمناجم. ونجد أيضا أن المطاعم والمقاهي التي يرتبط نشاطها بالموظفين في القطاع العام والوظيفة العمومة سجلوا خسائر مادية ملحوظة وتأثر نشاطهم التجاري بالإضراب العام. وأشار الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي عبد الحميد الزيدي إلى أن التحدث عن وجود خسائر في القطاع العمومي فحسب هو أمر مجانب للصواب على اعتبار أن القطاع الخاص يشكل جزءا هاما من الاقتصاد التونسي ولم يشارك في الاضراب, لأن القطاع الخاص في النهاية يرتبط ارتباطا وثيقا بالقطاع العمومي والوظيفة العمومية, فسير أشغال القطاع الخاص يتم عبر مختلف الادارات العمومية. وتعطل العمل بالإدارة التونسية انعكس سلبا على اتمام صفقات ومشاريع واتفاقيات في القطاع الخاص. قطاعات انتعشت على الجانب الآخر يمكننا أن نتحدث عن المستفيدين من هذا الاضراب وتحقيق انتعاشة اقتصادية وأرباحا غير منتظرة في بعض القطاعات حيث استفاد قطاع النقل الجماعي والفردي و»الكلونديستان» من الاضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية. هذا بالإضافة إلى تسجيل انتعاشة في المقاهي باعتبار أن جل الموظفين لم يلتحقوا بمقرات عملهم رغم أن الاضراب حضوريا بسبب اضراب النقل العمومي. هؤلاء الموظفون الذين تعذر عليهم الالتحاق بمقرات عملهم ولم يجدوا وسائل نقل خاصة توصلهم إلى وجهاتهم المختلفة خيروا قضاء ساعات طويلة في المقاهي وبالتالي مزيد تحقيق الأرباح بالنسبة لمختلف أصحاب المقاهي وقاعات الشاي. وسجلت المصحات الخاصة وكذلك محلات التمريض ارتفاعا في عدد المرضى وخاصة أولئك الذين كانوا يعانون من حالات مرضية استعجالية. والنتيجة دائما كانت انتعاشة القطاع الخاص على حساب القطاع العام وبالتالي ارتفاع تكاليف الاضراب العام واثقال كاهل الدولة جراء الخسائر التي قدرها خبراء الاقتصاد بالمليارات. الاضراب ليس حلا من وجهة نظر الأستاذ عبد الحميد الزيدي الخبير المالي والاقتصادي لا يعتبر الاضراب حلا وخسائره المالية مؤكدة, وتقدر بالمليارات. يرى أنه على الدولة التخلي عن الحلول الكلاسيكية للخروج من الأزمة الحالية واتباع استراتيجية عصرية ومتطورة بعيدة كل البعد عن زيادة الضرائب والاقتراض الخارجي. و إدماج المنظومة البنكية، التي تعدّ 21 مؤسّسة عمومية وخاصة وما يقارب 1500 فرع، في مجهود التنمية ومقاسمتها المخاطر من طرف مؤسّسات التأمين وذلك بإشراف البنك المركزي التونسي، الذي نراه يقوم بدور المراقب التقليدي لا الفاعل في الحياة الاقتصادية، بغاية تنشيط الأسواق المالية والنقدية...ودفع الاستثمار وتسهيل الانتصاب للحساب الخاصّ من طرف العاطلين عن العمل المتخرّجين من الجامعات ومراكز التكوين المهني باستعمال تقنيات تمويل عصرية دون اشتراط تمويل ذاتي مسبق أو رهون عقارية في إطار مشاريع صغرى ومتوسّطة تتماشى مع حاجيات الجهات الدّاخلية ولها كلفة محدودة. والبحث عن موارد إضافية هامة تمكّن الدولة من تغطية العجز الحاصل في ميزانيتها وتشجع على التصدير ...دون اللجوء للاقتراض الأجنبي الذي يعني تحمّل مخاطر الصرف والتبعيّة. كما أنّه يثقل خدمات الدّين الذي سوف تعاني منه الأجيال القادمة.