تونس (الشروق) احتضنت دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة، مساء الأربعاء الماضي 16 جانفي العرض الأول لمسرحية «راتاج» اخراج كمال الصغير ، وهو عمل كوميدي يتناول عددا من المشاكل والقضايا الاجتماعية. في ظل الأحداث المتسارعة في العالم التي أدّت إلى سحق الإنسانية وقتل كل بذرات الحب وضيّقت الخناق على التعايش السلمي تتنزل أحداث مسرحية «Ratage» أو «الشافي والعافي» التي شكلت انعكاسا لواقع اجتماعي أليم وطرحت بطريقة ساخرة العديد من الآفات التي يعيشها المجتمع التونسي. «راتاج» عرض مسرحي يجسّد حكاية شخصيتين «الشافي والعافي» تعيشان نفس الظروف القاسية ونفس التناقضات وشاءت الصدفة أن يكونا في نفس العمر تقريبا، وهو من إخراج الفنان كمال الصغيّر وهو أستاذ تربية مسرحية وفي رصيده العديد من الأعمال المسرحية وقام بأداء الأدوار مجموعة من الفنانين من خيرة الممثلين التونسيين وهم كلّ من ناجي القنواتي وهاجر غرس وأنيس حمدي ومحمد البرهومي والممثل الصاعد غسان مبارك وهي من إنتاج شركة تكابس للإنتاج والتوزيع المسرحي وهي مدعومة من وزارة الشؤون الثقافية. «Ratage» تعدّ كوميديا طباع (comédie de caractères) فالشخصيتان الرئيسيتان يغلب في طبعهما السذاجة والغرور يعممان الأحكام المسبقة، والأفكار الثابتة والهوس، ويمضيان بشغف إلى ممارسات مستغربة وغير عقلانية. وتضمن العمل أيضا بعض سمات كوميديا العادات (comédie des moeurs) فالنقد الموجه لسلوكهما العلمي بوصفهما باحثين يظهر وجها من وجوه الحماقة الإنسانية. نشأت الحبكة من سلسلة الأنشطة والتجارب التي وهب البطلان نفسهما ووقتهما لها، والحب أيضا أحد هذه التجارب. وإن بدا للوهلة الأولى أن تتابع التجارب اعتباطي فإن النظرة الفاحصة تبيّن أن تلاحق التجارب إنما يتبع نسقا تطوريا. فقد بدأ الشافي والعافي بالنشاط الفلاحي ومرّا إلى الكيمياء والطب وتخلل ذلك تجربتهما الفنية في المسرح إضافة لاهتماماتهما بالآثار والتحف، وكذلك اقتراحاتهما في السياسة والشأن العام. ما يجمع بين هذه التجارب هو الأطروحة ونقيضها بين المثال والواقع، والتضاد بين ما يطمح إليه البطلان من كمال وحماقتهما من جهة أخرى. وهذا التضاد (contraste) يلوّن المسرحية بنيويّا بطابع كوميدي خاص، ليتأسس العنصر الكوميدي على التناقض البسيكولوجي وعدم التناسب بين العظيم والضئيل، الهام والتافه، الرائع والمزري، بين المادي والأخلاقي، بين المعنى واللامعنى، وبين انتظاراتهما العريضة والخيبة التي يكنيان بها في النهاية.