تشير الإحصائيات الى وجود 137 مركز صحة أساسية بالقيروان. وتمثل عاملا هاما في إسداء الخدمات الصحية وتقريبها من المواطن داخل المناطق النائية. ولكنها خدمات لم تعكس انتظارات المرضى بالأرياف. «الشروق» مكتب القيروان: أكثر من 60 مريضا يتوافدون كل يوم خميس على عيادة مركز الصحة الأساسية بعمادة الكبارة من معتمدية نصرالله ...تجمهر واكتظاظ عايناه بمركز لا يزوره الطبيب سوى يوم واحد لمدة لا تتجاوز الساعة والنصف. تقول عيشة حرباوي التي تعاني من ضغط الدم إن الخدمات المسداة غير مرضية. فالطبيب لا يكشف على المرضى أو يعاين حالتهم. بل يكتفي بقراءة ورقة الموعد. ويقول لها «لاباس». أما عبد الستار تيمومي وهو مدير المدرسة المجاورة فوجدناه مصطحبا والدته البالغة 80 عاما تقريبا. فعبر عن غضبه قائلا « الساعة الآن تشير الى العاشرة ولم تتمكن والدتي رغم تسجيلها من مقابلة الطبيب لأنه غادر مسرعا مضيفا سأضطر الى إرجاعها الى البيت في انتظار الخميس المقبل هذا إن أمكن لها ذلك «. ومن جهة أخرى منذر حرباوي معلم وابن احدى المريضات أضاف: «مركز الصحة بالمنطقة الذي جعل لتقريب الخدمات لمرضانا الذين يقطعون مسافات طويلة جدا مشيا على الأقدام في حاجة الى تعزيزه بالعنصر البشري وخاصة مضاعفة أيام العيادات. فمن غير المعقول أن يتولى طبيب واحد معاينة أكثر من 60 مريضا في ظرف قياسي لا يتجاوز الساعة. محمد العفلي الناظر العام المشرف على مراكز الصحة الأساسية بمعتمدية نصرالله وجدناه صدفة بالمركز،قادما على متن سيارة الإسعاف من معتمدية نصرالله لتعويض الممرضة الوحيدة التي تغيبت والذي أكد أن الاشكال الرئيسي بالنسبة الى كل المراكز الأساسية يكمن في النقص الفادح في الاطار الطبي وشبه الطبي ناهيك عن مشكل النقص في الماء الصالح للشرب ببعض المراكز التي حتى وإن توفر بها فهو ذو نوعية سيئة". أطباء لا يتعدى حضورهم ثلث الوقت تقول فتحية « نحن وأبناؤنا مهددون بسمّ العقارب والافاعي وكم من مرة نضطر فيها الى كراء سيارة النقل الريفي (بالكريدي) ليلا وحتى نهارا للتوجه الى مستشفى معتمدية نصرالله هذا إن تمكن أحد الملدوغين من النجاة ولم يعترضه الموت في الطريق. نقاط كثيرة تجعل مراكز الصحة الأساسية بأرياف القيروان تثير أكثر من نقطة استفهام حول غلق أغلبها وعدم الرضى عن نوعية الخدمات وغياب الأطباء الذين يرى البعض أن حضورهم شكليا .و لئن كان أطباء هذه المراكز مطالبين بقضاء 6 ساعات من العمل وفق ما يحدده القانون وهو ما يؤكده عمارة جملي كاهية المدير الجهوي لمجمع الصحة الأساسية بالقيروان نافيا أن يكون على علم بهذه التجاوزات . ويفسر الجملي عزوف الأطباء عن العمل بالأرياف بغياب وسائل النقل وصعوبة التنقل في طرقات مهترئة. صعوبات يواجهها الاطار الطبي وشبه الطبي بسبب ظروف عمل تعيسة في غياب منح تشجيعية للطب العام وغياب السكن قد تدفع ببعضهم الى التهرب والاستظهار بملف صحي للحصول على عطلة مرض طويلة المدى بينما تبقى أغلب المراكز بلا طبيب ولا فحوصات. ونترك مركز الصحة بالكبارة وقد أغلق أبوابه وعاد أغلب المرضى أعقابهم يتذمرون من تعب أو فلنقل من مرض مضاعف. «داء ربي ولا داء العبد» على حد تعبير إحدى المريضات فهمنا أنها منهكة بسبب مسافة القدوم من «دوار الجمال» الى هناك أي أكثر من 8 كلم تقريبا مستعينة بعكازها وساقين أنهكهما الروماتيزم قائلة: «حكم الله صابرين عليه وحكم العبد هلكنا...طب بالكلام...». استغاثة الحوامل... وبتوجهنا الى مركز الصحة الأساسية» بخبنة الطمامة», التي تعاني من ارتفاع الإصابات باللشمانيا الجلدية... الساعة كانت تشير الى الحادية عشرة صباحا ...والمركز مغلق لم نجد عدا المتساكنين وقد تجمهروا بمجرد قدومنا...والكل يتذمر من حال الخدمة الصحية وهناك مركز مغلق على امتداد 6 أيام على حد تعبيرهم يفتح أبوابه فقط أثناء قدوم الطبيب كل أسبوع وأحيانا كل أسبوعين . تشكيات النساء وخاصة الحوامل اللاتي لا يظفرن بفرصة مقابلة القابلة للمراقبة الدورية لوضعية الحمل. حيث تؤكد ايمان كرعاني أنه مركز بالاسم وما تبقى هو غير ذلك. ولا مداومة في الوقت ، ولا وجود لكشف طبي فعلي، ولا شفاء نفسيا ولا جسديا."الصحة للصحاح موش لينا أحنا المنفيين منا للجبل والحلوف والعقارب» . 211 عدد المواليد الأموات.. قد تجعلنا صيحة فزع نساء الأرياف نؤكد أن غياب المتابعة للحوامل قد يكلفهم الفاتورة باهظا إما بفقدان فلذاتهم أو نسائهم سواء تحدثنا بالأرقام أواعتمدنا شهادات البعض من الذين أكدوا أنهم فقدوا أطفالهم بعد الولادة أو قبلها بسبب غياب المتابعة الصحية وغياب التثقيف الصحي بانتظام على حد قولهم رغم اجتهاد الجهات المعنية. وهنا يفيد محمد الهلالي رئيس قطب النشر والاتصال بالإدارة الجهوية للمعهد الوطني للإحصاء بالقيروان بحسب بيانات الحالة المدنية من البلديات أن عدد المواليد الأموات ارتفع من 130 حالة في 2013 الى حوالي 211 حالة في 2018 وذلك بكامل الولاية . نقص الأدوية «كان الدوايات شكاير متوسدتها» هكذا تحدثت الحاجة ربح بعفوية لم تخل من تذمر وعدم رضى مشيرة بكيسها المليء بأنواع وأجناس من الأدوية التي تضطر الى اقتنائها من الصيدلية وبأثمان باهظة تدفعها الظروف أحيانا الى بيع أحد «شياهها» للعلاج..نقص الادوية وإن أكدته بعض الشهادات الا أن عمارة جملي يؤكد أنها متوفرة بنسبة 80 في المائة .