رغم مرور 17 يوما على اندلاع الاحتجاجات في الجزائر، التي انطلقت يوم 22 فيفري الماضي ، رفضا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، مازال الغموض هو سيد الموقف في البلاد ،فلا السلطة تراجعت عن قرارها ،ولا الحراك الشعبي خفّض من وتيرة تصعيده . كل المؤشرات في الجزائر تدل على أن الأيام القليلة القادمة ستكون حبلى بالأحداث والمفاجآت ،فرغم سلمية كل التحركات الاحتجاجية الى حدود هذه اللحظة،الا أن المستقبل قد يكون مغايرا وقد تنحرف التحركات الشعبية نحو انزلاقات قد تكون خطيرة على أمن واستقرار الجزائر ،وقد نبه الجيش في هذا الاطار الى أن أطرافا خارجية تدبر مخططا للتحكم في التحركات الشعبية. كما نبه الجماهير الجزائرية من القوى الخارجية والداخلية التي تريد جر البلاد نحو مستنقع الخراب الذي اكتوت بنيرانه عدة دول عربية أثناء ثورات ما يسمى بالربيع العربي. الجزائر اليوم أصبحت أمام مفترق خطير ،ومن واجب الشعب والسلطات الحذر جيدا واستغلال سلمية الاحتجاجات وترجمتها الى قرارات جريئة لإطفاء نار الغضب الملتهبة قبل فوات الاوان، فالسلطة ومهندسو ترشيح الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة يجب أن ينتبهوا جيدا الى نتائج هذا القرار ،وبإمكانهم اليوم إطلاق مبادرة سياسية شاملة يجتمع حولها عموم الجزائريين ، وبالإمكان كذلك سحب ترشح بوتفليقة من السباق الرئاسي بعد أن أصبح محل معارضة من عموم السياسيين والمواطنين ،وإن لم يكن ذلك فتوجد بدائل سياسية أخرى كالإعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية برمتها وتحديد موعد جديد لها ,وبذلك تكون انطلاقة جديدة ومتساوية أمام جميع مكونات المشهد السياسي . عديدة هي الحلول السياسية القادرة على امتصاص الغضب الشعبي في الجزائر ،ومازال في الامكان إصلاح ما يمكن اصلاحه ،لكن مدة الاصلاح وكلفته قد تتغير بمرور الوقت وبتصاعد الاحتجاجات ،علما وأن المؤسسة العسكرية قد عبرت صراحة عن عزمها حماية امن البلاد وسلامتها ،وهي رسالة مفادها أنه اذا خرجت الأمور عن السيطرة فقد يكون هو من يمسك بزمام القرار وقد تنحدر البلاد نحو سلطة عسكرية شاملة ،وهو ما يتعارض مع مطالب مئات آلاف الجزائريين الذين نزلوا الى الشارع. وفي المحصلة، الجزائر اليوم تحتاج الى حلول سياسية عاجلة لإخماد الحراك قبل أن يتحول الى فوضى وحريق قد يأتي على الأخضر واليابس لا قدر الله.